كلمة الرئيس الحكومة جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب حول موضوع محورية قطاع التجارة الخارجية في التطور الاقتصاد الوطني
صوت الصحافة
صوت الصحافة
مجلس النواب، الإثنين 4 نونبر 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس النواب المحترم،
السيدات والسادة الوزراء المحترمون،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
أتشرف اليوم بالحضور إلى مجلسكم الموقر للجواب عن أسئلة السيدات والسادة البرلمانيين تطبيقا لأحكام الفصل 100 من الدستور.
وأشكركم على اختياركم موضوع “التجارة الخارجية” بالنظر لأهميته الاقتصادية بعدما تمكنت المملكة من تحقيق مكاسب مهمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
الشيء الذي جعل المغرب نموذجا رائدا في شمال إفريقيا والعالم العربي، بالرغم من كل الظروف الصعبة التي عرفتها بلادنا على غرار باقي دول العالم.
واسمحوا لي في هذا السياق التاريخي، أن أستحضر معكم الثورة الاجتماعية والاقتصادية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين.
فبفضل الرؤية الملكية المتكاملة، أضحت المملكة ورشا اقتصاديا وتجاريا مفتوحا على المستويين الإقليمي والدولي، مكن من توجيه بلادنا نحو مشاريع استراتيجية، أساسها بناء اقتصاد تنافسي، جعل المملكة قطبا جذابا للاستثمارات الأجنبية وجسرا محوريا بين جميع القارات والدول.
وهي رؤية سديدة أخذناها على عاتقنا في الحكومة من خلال بذل مجهودات إضافية لتقوية التجارة الخارجية وتعزيز الصادرات الوطنية كرافعة للنمو والتنمية، وجعل الاقتصاد الوطني والمقاولة المغربية أكثر تنافسية في هذا المجال، خاصة من خلال استهداف أسواق وشركاء متنوعين حفاظا على استدامة هذا القطاع.
فالحكومة ومنذ تنصيبها تعاطت بوعي تام مع الآثار الوخيمة للأزمة الاقتصادية العالمية، والحد من خطورة تداعيات الصراعات الجيوسياسية وتأثيرها على الإمدادات الحيوية وسلاسل التوريد العالمية، وارتفاع منسوب المخاطر البيئية والتقلبات المناخية.
لذلك كنا مطالبين أكثر من أي وقت مضى بضرورة تعزيز قدرة بلادنا على الصمود وتجاوز كل الصعوبات، واستغلال فرص الاستقرار السياسي والماكرو اقتصادي الذي تنعم به المملكة لضمان تموقعها القاري والدولي.
وفي نفس الوقت الحفاظ على أكبر قدر ممكن من مناصب الشغل ببلادنا، وضمان صمود المقاولة المغربية في وجه التقلبات الظرفية وحماية قدرتها التنافسية.
حضرات السيدات والسادة؛
بالرغم من كل الظروف والسياقات المتتالية، استطاعت بلادنا ولله الحمد تعزيز مكانتها في القطاعات الاستراتيجية، الشيء الذي مكن الاقتصاد الوطني من تحقيق الريادة القارية والدولية في عدد من الصناعات الحديثة.
فبفضل السياسة الحكومية المعتمدة تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية، أصبحت المملكة شريكا متميزا وفاعلا أساسيا ذو مصداقية عالية، إلى جانب توفرها على أرضية اقتصادية ملائمة لمختلف الاستثمارات، مدعومة بمجموعة من الإصلاحات المؤسساتية التي باشرناها منذ تنصيب هذه الحكومة.
ومن جهة أخرى، فإن التوجه الحكومي نحو تعزيز علاقاتنا مع شركائنا التقليديين والانفتاح على أسواق جديدة، جعل المغرب منصة حقيقية للتبادل التجاري، وإقامة شراكات رابح-رابح على المستويين الإقليمي والدولي وخلق جسور الاندماج والتعاون في البيئة العالمية.
فقد تميزت المرحلة السابقة من عملنا في الحكومة بإرساء جملة من الإصلاحات والاستراتيجيات الوطنية ساهمت بشكل كبير في تسهيل عملية الاستثمارات الأجنبية، وتحرير المبادلات التجارية، وتقوية مكانة المملكة باعتبارها منصة إقليمية للتصنيع والتصدير لعدد كبير من الشركات الوطنية والعالمية.
حضرات السيدات والسادة النواب المحترمون؛
لقد أولت الحكومة عناية خاصة للانفتاح الاقتصادي باعتباره خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، ومواكبته بكل آليات الدعم التي تستهدف إرساء بيئة ملائمة قادرة على دعم النمو وتحفيز الاستثمارات.
فإذا كانت بلادنا وعلى غرار باقي دول العالم عانت من الصدمات الاقتصادية المتتالية، فإن المملكة أظهرت قدرة كبيرة على الصمود في وجه التقلبات الظرفية، ما مكنها من تحقيق نسبة نمو مهمة بلغت 3.4% سنة 2023، مع تسجيل متوسط معدل نمو خلال الثلاث سنوات الأخيرة يقارب %4,4.
كما تم تسجيل انخفاض ملحوظ في معدلات التضخم حيث بلغت 1.1% خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2024، مقابل 6.1% متم سنة 2023، وهو معدل منخفض بالمقارنة مع معظم الدول المجاورة.
فعلى الرغم من كل التحديات التي نواجهها، قادت الحكومة بكل حزم وإرادة، مسيرة استثنائية للتكيّف مع المتغيرات المتسارعة في السوق الدولية، وهو ما ساهم في تعزيز السيادة الوطنية في مجموعة من القطاعات الاستراتيجية استجابة للتوجيهات الملكية السامية.
فقد تمكنت الصادرات المغربية من مواصلة مسارها التصاعدي بقيمة إجمالية تقدر بــ 331.5 مليار درهم إلى متم شتنبر 2024 بزيادة % 5.3، أي +16.8 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023.
وذلك راجع بالأساس إلى ارتفاع الطلب على المنتجات المغربية في الأسواق الدولية، مما يعكس جهود المملكة لتعزيز صادراتها والذهاب بعيدا نحو تحقيق التوازن في الميزان التجاري، وكذلك بفعل الإمكانات الهائلة التي بات يوفرها قطاع صناعة السيارات وقطاع صناعة الطيران ببلادنا.
فقد كانت سنة 2023 سنة استثنائية بالنسبة لقطاع السيارات، حيث استعاد مكانته الريادية كأول قطاع تصديري.
وذلك من خلال تحقيق ارتفاع مهم في صادراته سنة 2023 تجاوزت 28%، بزيادة تقارب 33 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2022، كما تم تسجيل ارتفاع مهم في نسبة صادرات السيارات خلال الــ 9 أشهر الأولى من سنة 2024 بنسبة حوالي 7% لتصل إلى 115.4 مليار درهم.
وبالإضافة إلى هذا التفوق المغربي في مجال صناعة السيارات، نسجل باعتزاز كبير، الطفرة النوعية التي يعرفها قطاع الطيران ببلادنا والذي استفاد خلال السنوات الماضية من الإمكانات التي توفرها المملكة، خاصة وأن عددا مهما من الشركات العالمية منخرطة في هذا المسار الاستراتيجي الذي يقوده صاحب الجلالة في هذا القطاع الحيوي.
فقد حققت صادرات صناعة الطيران نتائج مرجعية تبعث على الارتياح، بعدما سجلت زيادة مهمة بلغت نسبة 3.8% بقيمة 841 مليون درهم سنة 2023.
كما واصلت صادرات القطاع مسارا تصاعديا بزيادة قدرها 20% مع نهاية شهر شتنبر 2024، ويعزى هذا التطور الإيجابي إلى ارتفاع مبيعات فئة التجميع بــ 31%، لتصل إلى 12.9 مليار درهم، وكذا مبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية.
كما تجدر الإشارة إلى أن صادرات الفوسفاط ومشتقاته سجلت انتعاشا ملموسا بلغ 60 مليار درهم خلال الفترة الممتدة ما بين (يناير- شتنبر 2024) بزيادة 11.3% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية.
ويُظهر التطور الذي تعرفه سلّة الصادرات أن الاقتصاد المغربي يتجه نحو مزيد من التنوع والتركيب (complexité)، وهو ما يعد محركا قويا للتنمية على المدى الطويل.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على تصدير المنتجات التحويلية التي يصعب استبدالها، مثل السيارات أو الطيران أو المنتجات المشتقة من الفوسفاط، يعزز استدامة وقوة الصادرات المغربية.
كما تمكن قطاع النسيج والألبسة من تحقيق ارتفاع مهم فاق 5% بزيادة 2.2 مليار درهم لتبلغ قيمته الإجمالية أزيد من 46 مليار درهم سنة 2023.
كما شهد قطاع الإلكترونيك نموا في صادراته بلغت نسبة +21% بحوالي 3.2 مليار درهم، وهو تطور يرجع بالأساس إلى ارتفاع مبيعات المكونات الإلكترونية.
وفيما يرتبط بالصادرات الفلاحية والصناعة الغذائية، فبالرغم من توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات المطرية التي تسببت في تراجع حجم الصادرات بنسبة 15% سنة 2023، إلا أن قيمتها حافظت على مستوياتها القياسية متجاوزة عتبة 80 مليار درهم، المسجلة لأول مرة سنة 2022، لتستقر عند 83.2 مليار درهم سنة 2023. وقد بلغت قيمة هذه الصادرات 62.2 مليار درهم عند متم شتنبر 2024، مما يجعل هذا القطاع يحتل الرتبة الثانية للقطاعات المصدرة بالمغرب.
وسيتم تعزيز هذه الصادرات في المستقبل من خلال إنشاء وحدات جديدة لتحلية المياه، ولا سيما مشروع الداخلة المزمع إنجازه في نهاية عام 2025، والذي سيمكن من زراعة 5.000 هكتار من الأراضي السقوية الجديدة.
كما أن التطور المهم الذي عرفته قيمة الصادرات الفلاحية يرجع بالأساس إلى الارتفاع الكبير لأسعار المواد الفلاحية داخل الأسواق الأجنبية، إضافة إلى المجهودات المبذولة في تنويع الأسواق الدولية، وتحسين الجودة التجارية والصحية للمنتوج المغربي بفضل الجهود التي يبذلها الفلاحون المغاربة في هذا المجال.
حضرات السيدات والسادة،
بالموازاة مع هذه الحصيلة الإيجابية للصادرات المغربية خلال السنوات الماضية، واصلت الحكومة التحكم في مستويات معقولة للواردات، حيث عرفت استقرارا نسبيا ببلوغ ما مجموعه 554 مليار درهم مقابل 528.9 مليار درهم خلال 9 أشهر الأولى من السنة الماضية.
وبالأرقام، فقد بلغت قيمة واردات المغرب من المواد الطاقية 85.7 مليار درهم، بانخفاض نسبته 6-% عند نهاية شهر شتنبر2024، ويرجع هذا التراجع إلى انخفاض الطلب على مواد الفحم بـــ 28-%، وانخفاض إمدادات غاز البترول والمواد الهيدروكربونية بــــ 15.2-%.
كما بلغت القيمة الإجمالية لواردات المواد الخام 23.9 مليار درهم بانخفاض وصل إلى 3.5% عند متم شتنبر 2024، إذ تم تسجيل انخفاض مهم في واردات الزيوت ب 1.5 مليار درهم.
في حين سجلت واردات مواد الاستهلاك النهائي ارتفاعا بنسبة 6.6% لتصل إلى 128 مليار درهم، وهي نتيجة تعود إلى ارتفاع واردات أجزاء السيارات السياحية بنسبة 6.1%، وارتفاع واردات الأدوية والمواد الصيدلية بنسبة 16.6%.
كما عرفت واردات المواد نصف المصنعة ارتفاعا ملحوظا بلغ 120 مليار درهم بنسبة +8.5%، خصوصا في المنتجات الكيماوية، ومواد الحديد والفولاذ، بالإضافة إلى ارتفاع واردات المواد البلاستيكية بــ +968 مليون درهم.
ويعود الارتفاع المسجل في بعض مكونات الواردات المغربية إلى الانتعاش الذي عرفه الاقتصاد الوطني، وتحسن مؤشرات القطاعات الإنتاجية، وما صاحبها من ارتفاع الطلب على مجموعة من المواد الاستهلاكية والنصف مصنعة.
ولا شك أن هذه الحصيلة تبرز الجهود المتواصلة للحكومة لتحسين أداء الميزان التجاري، عبر تعزيز الصادرات الوطنية وتوجيه سياساتنا الاقتصادية نحو ضمان الاستدامة المالية والتجارية.
ونتيجة لهذه المجهودات، فقد تحسن مستوى تغطية السلع من 57.8% ما بين يناير-شتنبر 2019، إلى تقريبا 60% خلال نفس الفترة من سنة 2024.
السيد الرئيس المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
لقد شكل المغرب نموذجا حقيقيا في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث عملنا منذ تنصيب الحكومة على تحديد الأولويات والبرامج، بهدف تطوير القطاع الصناعي خصوصا الصناعات ذات القيمة المضافة.
وفيما يرتبط بالاستثمارات الأجنبية بالمغرب، فقد سجلت خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 مداخيل صافية بلغت 16.3 مليار درهم بارتفاع يقدر بــ 50.7% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، التي عرفت تراجعا في هذه المداخيل على غرار كل دول العالم خاصة الدول الإفريقية.
ولا شك أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تم الإعلان عنها خلال الأشهر الأخيرة ستشكل قوة جذب حقيقية للمستثمرين الأجانب، حيث سيتم تعزيزها في المستقبل بفضل الميثاق الجديد للاستثمار.
وهو خيار استراتيجي تجلى من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاستثمارية المهمة أبرزها المشروع الهام لمنظومة صناعة البطاريات الكهربائية والذي يعد الأول من نوعه بالمغرب، بقيمة استثمارية تقدر بملايير الدراهم، حيث من المرتقب أن يساهم هذا المشروع الرائد في خلق أزيد من 2.500 فرصة عمل.
كما سبق للحكومة أن وقعت مذكرة تفاهم مع أحد الفاعلين الدوليين لإحداث أول مصنع في إفريقيا لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة بالمغرب بقيمة استثمارية تناهز 65 مليار درهم.
وهو ما سيساهم في خلق 25.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر، مما يبرز الريادة والمكانة التي تحتلها المملكة كبلد رائد في مجال صناعات السيارات.
وأمام هذا الإشعاع الإقليمي والدولي الذي تحققه بلادنا في مجالات الصناعات الحديثة، تواصل الحكومة بكل عزيمة وثبات تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر بما يعزز موقع المملكة كمركز عالمي للطاقات المستدامة، ورافعة محورية لخلق الثروة وفرص الشغل.
فقد أطلقت الحكومة “عرض المغرب” لتطوير الهيدروجين الأخضر الذي يشكل عرضا تنافسيا وتحفيزيا في هذا المجال، بمقاربة شمولية وشفافة ورؤية واضحة أمام المستثمرين.
فمنذ إصدار الحكومة لمنشور تفعيل “عرض المغرب” في مارس الماضي وإلى غاية انعقاد اجتماع لجنة القيادة في الأسبوع الماضي، تلقت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة MASEN ما يقارب 40 طلبا من جميع أنحاء العالم (أمريكا، أوروبا، آسيا، أستراليا ومن المغرب كذلك)، تغطي بالخصوص الأقاليم الجنوبية، وهذا دليل قاطع على الآفاق الواعدة لهذا القطاع، والثقة الكبيرة التي يتمتع بها المغرب بالنسبة للمستثمرين الأجانب والمغاربة في هذا المجال.
إن التقدم الحاصل خلال السنتين الماضيتين يشكل مظهرا من مظاهر التحول الشامل في الاقتصاد الوطني، ونتيجة طبيعية لمجهود حكومي متواصل للجواب على أسئلة التنمية والنمو المستدام.
ليبقى الرهان الحقيقي هو تحقيق حصيلة جد متقدمة في القطاعات الاستراتيجية بعدما أرست الحكومة اللبنات الأساسية لبناء التجارة الخارجية للمملكة على أسس صلبة ومستدامة.
السيد الرئيس المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمون،
ونحن نستحضر أمامكم هذا التقدم الحاصل في مجال الاستثمارات الخارجية المباشرة في بلادنا، وتأثيرها الإيجابي على خلق فرص الشغل. لابد من استحضار المساهمة المواطنة لمغاربة العالم في الرفع من مستويات الإيرادات الخارجية للمملكة.
فخلال الثلاث سنوات الماضية سجلت تحويلات مغاربة العالم مستويات قياسية فاقت كل التوقعات المنتظرة، حيث تم تحويل ما مجموعه 115 مليار درهم سنة 2023 مقابل 110 مليار درهم سنة 2022 بارتفاع قدره 4.1%.
وخلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 سجلنا ارتفاعا في التحويلات بنسبة 5.2% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023 لتبلغ 91.5 مليار درهم.
أما بخصوص العائدات السياحية، فالواقع أبان أن خطة الإنعاش التي أقرتها الحكومة منذ الأشهر الأولى لتنصيبها للخروج من الأزمة، وبلورة خارطة طريق جديدة للقطاع السياحي قد أثبتت نجاعتها.
حيث واصلت أعداد السياح الوافدين على المملكة ارتفاعها إلى مستويات قياسية فاقت 14.5 مليون سائح سنة 2023. ومع نهاية شتنبر 2024، تم تسجيل 13.1 مليون سائح بزيادة 2 مليون سائح مقارنة مع نفس الفترة من 2023، و29% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.
وقد بلغت عائدات السفر 87.1 مليار درهم في متم شتنبر 2024، بارتفاع قدره 8.4% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وحوالي 44.7% مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.
وفي خضم هذا المنحى الإيجابي، فقد حققت المملكة كذلك نتائج غير مسبوقة في قطاع ترحيل الخدمات، حيث بلغ حجم صادراته 18 مليار درهم سنة 2023، بارتفاع نسبته 14% بالمقارنة مع سنة 2022، وهي أرقام جعلت المملكة في المرتبة الثانية على صعيد إفريقيا في هذا المجال.
ومن المتوقع أن تتعزز في المستقبل أنشطة ترحيل الخدمات، لا سيما مع الاستراتيجية الرقمية الجديدة، مما سيساهم في تحسين صادرات الخدمات، وفائض ميزان الخدمات، ومستوى تغطية السلع والخدمات.
وبفضل هذه الأرقام، حقق ميزان الخدمات فائضا بلغ 133 مليار درهم في عام 2023، مقابل 116 مليار في عام 2022.
ونتيجة لهذا الأداء المتميز لكل القطاعات الإنتاجية والخدماتية، فقد تحسن مستوى تغطية السلع والخدمات بشكل ملحوظ، من 80.8% خلال الفترة يناير -شتنبر 2019، إلى مستوى قياسي يفوق 82.9% خلال نفس الفترة من 2023 و2024، وهو أفضل أداء منذ سنة 2003.
حضرات السيدات والسادة،
بكل افتخار نؤكد أمام مجلسكم الموقر، أن كل المنجزات التي تطرقت إليها خلال هذه المداخلة، قد مكنت بلادنا من تحقيق طفرة نوعية فيما يخص التوازنات التجارية والماكرو اقتصادية.
فقد حقق المغرب ولله الحمد إنجازا تاريخيا خلال سنة 2023، حيث تراجع عجز الحساب الجاري إلى مستوى قياسي يقدر بــ -0.6% مستقرا في -9 مليار درهم، مقابل -3.4% أي ما يقدر ب -43 مليار درهم المسجلة خلال سنة 2019.
وتجدر الإشارة إلى أن الرقم المسجل حاليا يعتبر أدنى عجز للحساب الجاري ببلادنا منذ سنة 2007.
إن هذه المنجزات الحكومية المهمة التي تم تحقيقها في ظرفية عالمية جد معقدة، ساهمت بشكل كبير في تخفيض عجز الميزانية، حيث سجلنا بفضل الأداء الاستثنائي للقطاعات الإنتاجية ارتفاعا في إجمالي الإيرادات فاقت نسبته 12% إلى حدود 2023، وهو ما يعكس بالملموس حجم الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة.
كما نسجل بكل مسؤولية تراجع حجم المديونية منذ بداية الولاية الحكومية الحالية، حيث تراجعت نسبة المديونية ما دون 70% بعدما تجاوزت نسبة 72% من الناتج الداخلي الخام خلال الفترات السابقة، مع العلم أن حجم المديونية ارتفع بمقدار 20% ما بين 2011 و2020.
ولا شك، حضرات السيدات والسادة، أن الحصيلة الإيجابية والإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الحكومة كان لها الأثر الإيجابي في تحسن مستويات التصنيف الائتماني للمملكة، والذي بموجبه حافظ المغرب على آفاقه الإيجابية وفق تقرير وكالة “ستاندرز أند بورز”.
وسنواصل العمل خلال السنوات القادمة على تحسين هذه المؤشرات والارتقاء بالتصنيف السيادي للمملكة لدى مختلف المؤسسات الدولية.
السيد الرئيس المحترم،
حضرات السيدات والسادة،
أود في الختام، التأكيد أمامكم على أن هذه الحكومة واجهت بكل مسؤولية مختلف الإكراهات والصعوبات الظرفية الوطنية والدولية، كما تمكنت من تحسين كل المؤشرات التجارية والماكرو اقتصادية مقارنة مع عدد من البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما تبرزه مختلف تقارير المؤسسات الوطنية والدولية.
وعلى الرغم من كل النجاحات المحققة لتقوية مناعة الاقتصاد الوطني، وتحسين تموقعه على الصعيد العالمي، لا تزال إرادتنا السياسية قوية للرفع من أداءنا دوليا، والرفع من أرقام معاملات الصادرات الوطنية.
هذه الإرادة التي تجسدت من خلال تخصيص قطاع للتجارة الخارجية في الهيكلة الحكومية الجديدة، سيعمل بتعاون وتنسيق مع القطاعات المعنية، وعلى رأسها قطاعا الخارجية والاستثمار، على بلورة تصور جديد يتلاءم وطموحنا الحكومي في هذا المجال.
بشكل سيكون له الأثر الإيجابي على القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وخلق فرص الشغل، باعتبارها أولوية وطنية نحن مسؤولون على تنزيلها بشكل لا يقبل التأخير.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته