صوت الصحافة
نظمت جمعية الهواس بالمحمدية توقيع كتاب الحي المحمدي وجوه أمكنة من تاليف حسن نرايس بفضاء 5 أكتوبر بالمحمدية تنطق عدد من الفضاءات و التجمعات السكنية ببلادنا بذاكرة جمعية تاريخية تشهد على عراقة اتصال الإنسان المغربي بالمكان و بما أفرزه ولا يزال من محكيات، تحاول عدد من السرديات المكتوبة التفاعل مع جزء مهم منها من خلال الحفر السردي و التوثيقي في ذاكرة وجوه وأمكنة بارزة كانت لها مساهمتها الخاصة في تشكيل استمرارية ودينامية حركية المجتمع داخل هذا الفضاء التاريخي أو ذاك.
حفل تقديم و توقيع الإصدار الجديد للكاتب حسن نرايس الموسوم بعنوان” الحي المحمدي وجوه و أمكنة-محكيات ومرويات-“.
وقد شكلت هذه اللحظة القرائية التي سير أشغال فقراتها ا مناسبة حاول من خلالها عدد من النقاد والإعلاميين إلى جانب فنانين و منتمين إلى هيآت المجتمع المدني مقاربة هذا العمل الجديد لنرايس من مداخل متعددة.
وإجمالا أمكن الإمساك بثلاثة محاور رئيسية شكلت الأرضية التي حركت نقاشات هذا اللقاء، حيث نجد أن القراءة النقدية لما جاء في الكتاب موضوع الحدث من متون سردية قد احتل مساحة مهمة في أحاديث المتدخلين، خاصة الناقد شفيق الزكاري الذي حاول من خلال حديثه الاضطلاع بتحليل كتاب نرايس من زاوية معالجة نقدية سيميائية ظهر أنها ركزت بشكل أكبر على استنطاق الدلالات الأدبية و التعبيرية التي جاءت في محكيات نرايس داخل الكتاب، حيث اعتبر الزكاري أن هذا الأخير وإن كان يظهر أنه متقاطع نوعا ما مع أشكال من السير الذاتية التي تحفل بها الخزانة الروائية المغربية لكتاب مغاربة اختاروا معانقة الجنس الروائي للحديث عن تجاربهم الوجودية مع أماكن معينة غالبا ما كانت فضاءات الطفولة والنشأة كرواية لعبة النسيان و حكاية الحي العتيق لعبد الحي الساطوري، فهذا لا ينفي حسب نفس المتحدث أن الصعوبة تبقى قائمة في القيام بتصنيف أدبي لكتاب “الحي المحمدي وجوه وأمكنة” طالما أن هناك تداخلا في البناء السردي لهذا الأخير إن صح التعبير و الذي تتقاطع فيه السيرة الذاتية للكاتب مع محكيات سير غيرية لشخوص باح بها نرايس عبر بورتريهات إنسانية خاصة جعلها مساحة لتبوح الشخصيات المرصودة الاستاد صحفي عبد الحميد جماهيري مدير النشر لجريدة الاتحاد الاشتراكي أمسية شعرية في حق حسن نرايس ودكتور عبدالاله الراجحي نسبيا بشكل محايد، عن انتمائها الزماني و المكاني الملتصق بواقعية العيش التي كانت تحفل بها على عقود من الزمن أمكنة من الحي المحمدي أحد الفضاءات التاريخية بالبيضاء.
وكل هذا تم حسب نفس المتدخل داخل متن الكتاب بقدرة عالية للكاتب في الوصف تجعل المتلقي أو القارئ يرسم مشهديا و جماليا الشخوص و الأمكنة المحكي عنها داخل كتاب نرايس بعيدا نوعا ما عن منطق الكتابة الروائية المرتبط بتسلسل خاص للأحداث و الشخوص المبني كما هو متعارف عليه أدبيا على قانون العقدة و الحل.
أما المحور الثاني الذي يبدو أنه حرك بدوره أنفاس القول داخل هذا اللقاء الفكري ، فارتبط بالحديث عن قيمة الجانب التوثيقي لمساحات من الذاكرة الجمعية للحي المحمدي التي حاول نرايس القيام به داخل كتابه، حيث اعتبر شفيق الزكاري أن ذاكرة أمكنة عديدة من هذا الفضاء حاضرة بقوة داخل النفس السردي للكتاب، خصوصا أن شكل الكتابة التي اتبعها هذا الأخير على صفحات منجزه ساعد على تحليل بل و التعريف بجزء من الذاكرة الجمعية للمنطقة و ما تعبر عنه من تنوع ثقافي تاريخي حسب ما جاء في حديث نفس المتدخل، مع العلم أن الزكاري نفسه و كما أشرنا إلى ذلك سلفا قد اعتبر أن شكل البورتريهات المكتوبة من طرف نرايس حول شخوص من أبناء و بنات الحي المحمدي جعل هذه الأخيرة نفسها ناطقة داخل الكتاب بزخم تاريخي معين عرفه الحي المذكور على امتداد عقود سابقة من الزمن.
لا ننسى أن الكاتب حسن نرايس قد أشار في كلمة خاصة له بالمناسبة أن إرهاصات المعيش اليومي التي طبعت وجوده الإنساني مع وجوه وأمكنة من الحي المحمدي بمختلف تعبيراتها و انتماءاتها الثقافية و المجالية العميقة قد أفرز نوعا من التداخل الخاص لعوالم من الحب و الصراع و التمرد و الاندهاش والرغبة المجهضة في التغيير داخل التجربة الوجودية الخاصة التي خاضها نرايس على مدى مراحل عمرية متعددة داخل الحي المحمدي ، وهو ما يبدو أنه حفر أخاديده بقوة داخل ذاكرة الكاتب نفسه ما حولها إلى بؤرة لتأليف هذا الكتاب.
للإشارة ذهبت مداخلات أخرى لعدد من الفنانين و الفاعلين الجمعويين، أمثال صلاح الجبلي مخرج منتج الفنان ممثل محمد ظهرا والمخرج صحفي رشيد زكي بقناة الثانية إلى جانب عموما هي الأخرى في اتجاه الإشادة بهذا المنجز الفكري الوليد، معتبرة أنه دلالة على القيمة الثقافية التي ما فتئ الحي المحمدي يعبر عنها كفضاء مغربي تاريخي وطني.