الصين تخطو نحو الزيادة العالمية بهدوء
بقلم محمد فنيدو
منذ حوالى عقدين من الزمن ,عرفت الصين ثورة متنامية اقتصاديا وعسكريا و اجتماعيا ,جعلت منها قوة تتسلق المراتب العالمية بسرعة و بصمت .
فبعد ان الصين كانت تكابد الويلات لاخراج مجتمعها من الجهل والفقر ,اصبحت اليوم ثاني اقتصاد عالمي يطارد امريكا كالظل و يضغط عليها في كل اتجاه; حتى اصبح الفرق بينها لا يجاوز 3 تريليون دولار من حيث قيمة الناتج الاجمالي الخام.
الصين اختارت اسلوبا مرنا لكسب زبناء تجاريين و سياسيين عبر ربوع القارات الخمس, و ذلك لنهجها سياسة ” امنح القروض بدون فوائد و استثمر من اجل الارباح “مما جعل دولا كثير تربط اقتصاداتها بالصين .
افريقيا البلاد العذراء جعلتها الصين قاعدة خصبة للاستثمار و بصمت ;فدول كزامبيا و انغولا و الجزائر و المغرب و تنزانيا مرتبطة كليا او جزئيا بالاقتصاد الصيني; لا من حيت المبادلات التجارية او الخبرات العسكرية و غيرها ولا من حيث الدعم السياسي او العسكري .
اما اوروبا مجتمعة بكل قواها الاقتصادية تنحني خجلا امام الصين كما انحت من قبل امام الولايات المتحدة الامريكية .
فالمصانع الصينية تحسنت جودة منتجاته و اصبح تنافس بريطانيا والمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية ,كما ان العملة الصينية اليوان اخدت تستحوذ على اساس المعملات المالية الخارجية لعديد الدول في مختلف القارات .
الصين تملك نسيج اجتماعي ضخم يتجاوز المليار 460 مليون نسمة , و هي في حد ذاتها سوق استهلاكية ضخمة لكن في نفس الوقت مؤثرة جدا في التوازنات المكرواقتصادية للاقتصاد العالمي.
الصين ليست ميالة الى كشف البراغماتية العمياء كعضو دائم بمجلس الامن ,بل دائما تلتزم باكبر قدر من الشفافية ,اتجاه القضايا المطروحة امام المنتظم الدولي.
اليوم وبعد سنوات من النمو السريع والذي تجاوز 8 % سنويا ,جعل امنها الاقتصادي يتماشى مع موقعها الجغرافي و موقفها السياسي كدولة ذات طيف اقتصادي فريد جمع بين الراسمالية و الاشتراكية و الشيوعية في ان واحد .
السؤال الذي تطرحه امريكا اليوم :كيف يمكن ان نتخلص من تنامي قوة الصين و هي تملك نفس المواقع التي تملكها امريكا?
اجوبة متعددة عن هذا الموقف تتجلى في سياسة العقوبات الاقتصادية على الشركات الصينة ,كما حدث مع شركة الهواوي و غيرها او كما حدث مع اوروبا ابان غزو النسيج الصيني لاوروبا و كبدها خسائر مالية فادحة .
لكن من جهة اخرى فالصين الشعبية تملك ترسانة نووية و صناعة عسكرية كبيرة ;اذ اصبحت ترى اليوم انه من الضروري توسيعها و تطويرها لمواجه تايوان المنشقة و صراع النفود بالمحيط الهادي مع امريكا و خاصة النزاع القديم حول تقسيم بحر الصين الجنوبي مع دول المنطقة.
واخيرا تعيش اليوم الصين وضعا من الرخاء ,قد يمتد لعقود نظرا لضمانها اسواق عالمية مربحة و ترسانة عسكرية محترمة و كذا تكنولوجيا محلية عالية الجودة و ادمغة مبتكرة قد تمدها بتريليونات اضافية قد تسقط امريكا من زعامة العالم في القريب.