أعمدة الرأي

واقع التسول بالريف

صوت الصحافة // فرحان بنعمرو

أصبحت في الآونة الأخيرة  منطقة الريف عموما ومدينة الحسيمة خصوصا تعرف انتشار ما يسمى بظاهرة ” التسول ” ، فهذه الأخيرة – التي لم تكن سائدة بالمنطقة من قبل- أصبحت في السنوات الأخيرة والحالية تعرف ظهورا تدريجيا .

فسكان مدينة الحسيمة ، المشهود لهم بالمثابرة والعمل الجاد وحب الكفاح والتمسك بالكرامة، لم يكن تفكيرهم ينزع نحو ممارسة هذه الظاهرة باعتبارها مهنة من أجل الحصول على قوت عيشهم ؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تناقص عدد سكان المدينة، بسبب هجرة غالبيتهم إلى أوروبا وديار المهجر .

العكس تماما الآن ، حيث شهد عدد سكان المدينة والمناطق المجاورة لها ارتفاعا مطردا بسبب توافد الأسر من مدن أخرى والاستقرار بمنطقة الريف عموما والحسيمة خصوصا ، إضافة إلى غياب القيم الثقافية والاجتماعية السائدة من قبل عند الأجداد ، وكذا انتشار ظاهرة الطلاق والتشتت الأسري. فقد أصبحت مدينة الحسيمة تشهد نوعا ما ارتفاعا لهذه الظاهرة الاجتماعية في معظم أحيائها ، وبالتالي أصبحت هذه مدينة شبيهة تماما بالمدن الكبرى من قبيل (طنجة، تطوان والدار البيضاء.. ) ؛ في الوقت الذي كانت فيه هذه الظاهرة منعدمة سابقا .

فقد تتمثل هذه الظاهرة بشكل خاص في صفوف النساء ، اللواتي يقمن بتكليف أبنائهن وإرسالهم إلى الشوارع ، قصد التسول واستجداء تعاطف الناس معهم من أجل الحصول على المال ، وفي بعض الأحيان، نجد أن النساء هن من يقمن بممارسة هذه الظاهرة، وذلك في المرافق العمومية (كالمقاهي و المطاعم والشوارع وقرب أبواب المساجد … ) حيث يستخدمون أسلوب العاطفة أثناء طلبهم المساعدة .
والجدير بالذكر ، أن هؤلاء الأشخاص الذين يمتهنون هذه الظاهرة ، عندما تبحث في أمرهم تجدهم في بعض الأحيان ينتمون إلى طبقة اجتماعية متوسطة إن لم نقل أنها تعرف نوعا من البورجوازية، الأمر الذي يطرح سؤالا استنكاريا بخصوص السبب الرئيسي وراء إقبالهم على ممارسة ظاهرة التسول ؛ فبسبب هؤلاء المتسولين أو بالأحرى ، ممتهني مهنة
التسول ، فقدت المدينة نوعا ما حرمتها وخصوصيتها وبريقها الذي يميزها عن بقية المدن المغربية ، هذه المدينة الأنيقة والهادئة والتي يعتبرها العديد من السياح المغاربة وجهتهم السياحية المفضلة أصبحت بسبب هذه الظاهرة المشينة شبيهة بباقي المدن المتوسطة والكبرى المجاورة لها .

ختاما ، من أجل محاولة الحد – أو على الأقل – التقليص من هذه الظاهرة قبل انتشارها أكثر بشكل مهول ، وجب على الدولة بشكل عام والسلطات المحلية والمنتخبين بشكل خاص أن يعملوا جاهدين على إيجاد حلول كيفما كان نوعها، و ذلك من أجل إعادة البريق لهذه المدينة المتوسطية بشكل خاص واستئصال جذور هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا المغربي بشكل عام، قبل أن تتفاقم ويصعب احتواؤها والحد منها .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى