ثقافة

معرض استعادي للطباعة الفنية بالرباط

صوت الصحافة

صوت الصحافة

 

ستعرف مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين بالرباط، معرضا استعاديا للطباعة الفنية تحت عنوان “كرافيك 88″.

يشارك في هذا المعرض كل من الفنانين عبد الكريم الأزهر، شفيق الزكاري، نور الدين فاتحي وبوشعيب هبولي. وذلك من يوم الخميس 13 يونيو على الساعة السادسة مساء، إلى غاية 27 يونيو 2024.

وبهذه المناسبة التاريخية لهذه المجموعة جاء في دليل المعرض للشاعر والمترجم والناقد الفني سعيد عاهد تحت عنوان (أنشودة كرافيكية) ما يلي:

” هاهم يُكرّرون التّجربةَ…

ستٌّ وثلاثونَ سنةً بعد النّسخة الأولى من المعرض الجماعي الموسوم بـــ”گرافيك”، والمنذور للسيريغرافيا وتقنيات الحفر، وخمسةٌ وعشرون عاما عقب الدّورة السّادسة والأخيرة، إلى حدّ الآن، من التّظاهرة التشكيليّة ذاتِها، يعودُ الفنّانون هبولي، والأزهر، وفاتحي، والزگاري إلى تملُّك قالب نسخ العمل الفنّي، لاقتراح نسخة 2024 من “گرافيك”، المنظّمة من قبل مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين.

في البدء، كان التّوق إلى ولوج أروقة العرض وقاعاته بأعمال مغايرة للّوحة الفريدة، المُماثلة لذاتها فحسب، والمُختلفة عن غيرها، وإحداث قطيعة مع نموذج المعارض “الكلاسيكي” السّائد حينها، في السّاحة التّشكيليّة المغربيّة.

حدث ذاك سنة 1988، حينَ تخلّقت الفكرةُ المُجدِّدَةُ في مخيلة ثلاثة فنّانين تشكيليّين سبق لهم الاشتغالُ جميعاً، من قبل، في مجال إبداع أعمال فنّيّة بتقنيات “فنّ المُتَعَدِّد”، تقنياتٍ تَتَمثّل في إنجاز الصّورة التشكيليّة عبر توالدها، بمضاعفة الإبداع الأصليّ لخلق نُسَخٍ متعدّدة منه، ذلك أنّ “الجَمعَ يفترضُ المفردَ”، على حدّ تعبير ليبنتز.

هكذا، وفي مرسم واقع بمدينة المحمدية، أُبدعت التّكويناتُ التشكيليّة ونُسخت (صُنعت!). وهي التي ستُعرض في رواق “النادرة” بالرباط، من فاتح دجنبر إلى الخامس عشر منه سنة 1988 (گرافيك 88)، بتوقيع المُؤسّسين الثلاثة لـ “جماعة گرافيك”: شفيق الزگاري، ونور الدين فاتحي وبوشعيب هبولي.

سيلتحقُ بالجماعة، في السّنة الموالية، عبد الكريم الأزهر ليتشكّلَ الرّباعيُّ الحاضرُ ضمن جميع الدورات التالية لمعارض “گرافيك”، من “گرافيك 89” إلى “گرافيك 99″، وصولا إلى نسخة 2024 من التظاهرة. وبموازاة هذا العمل الجماعي، واصل كلُّ واحدٍ من الأربعة مسارَهُ الإبداعيَّ الشخصيَّ، مراكماً عرض لوحاته المُتّسمة بفردانيتها، بعيدا عن “فنّ المُتعدّد”.

منجزة في بحر 1989، وهو ما يبرر عنوان المعرض الذي احتضنها (گرافيك 89)، حلّت الأعمالُ متعدّدة النّسخ للدورة الثانية من التظاهرة ضيفةً على المركب الثقافي المعاريف بالدار البيضاء (محمد زفزاف حاليا)، من 18 إلى 30 يناير 1990.

حظيت مبادرة “جماعة گرافيك”، انطلاقا من الدورتين الأولى والثانية للفعالية الفنية هذه، باهتمام لافت من لدُنِ الفاعلين في السّاحة التّشكيليّة المغربيّة (التّشكيليّون والنّقاد الفنيّون والمجمعون)، وفي الأوساط الإعلامية المتخصّصة في الشأن الفنيّ. ونالت مختلفُ دورات تظاهراتها قسطاً وافراً من التّرحيب والإعجاب والثّناء، فنيّا وإعلاميّا، ليس بفعل النّفَس الجديد والمجدد الذي منحته النّهجَ السائد في تنظيم المعارض مغربيا وتدبيرها فقط، ولكن، كذلك، نظرا لتمكّن العارضين من مختلف تقنيات السيريغرافيا والحفر المُعتمدة من قبلهم لمضاعفة الأعمال المعروضة، والقيمة الجماليّة والتقنيّة لهذه الأخيرة، والعمل الجماعيّ المنجز، والحوار والتبادل المفاهيميين والتشكيليّين المؤسّسين بين أجيال فنية مختلفة من محترفي الصّباغة، وكذلك احتفاء التجربة بالجمال إستيطيقيا، جمال أدركه زوارُ المعارض السابقة للجماعة عن طريق المتعة المتولدة بفعله في نظرتهم، وهو رهانٌ جماليٌّ تعيد دورة 2024 من “گرافيك” تمجيده.

مُنفتحا على تجاربَ تشكيليّةٍ أخرى، تُضاعف من جانبها نسخ العمل المؤسس، استضاف الرباعيّ، منذ “گرافيك 89″، أسماء متعددة لتأثيث معارضه، وإضافة لمسة مغايرة لها.

ازداد “گرافيك 89” فَتْناً للعين بواسطة الإبداعات الگرافيكية لكل من لطيفة التجاني والتباري كنتور؛ و”گرافيك 93″، المنظم تحت إشراف اتحاد كتاب المغرب ببهو وزارة الشؤون الثقافية بالرباط، من 3 إلى 15 يونيو 1993، بتوقيعات امبارك بليلي، والتباري كنتور ومصطفى بميش؛ كما شارك الأخير في “گرافيك 98″ (رواق النادرة بالرباط، من 12 إلى 25 يونيو 1998) و”گرافيك 99” (المركب الثقافي محمد بلعربي العلوي بالمحمدية، تحت إشراف فرع المدينة لاتحاد كتاب المغرب). أمّا نسخة “گرافيك 90″، التي احتضنها رواق النادرة بالرباط بين 30 ماي و12 يونيو 1990، فقد نَظَمَ أنشوداتِها البصريّةَ ولحّنها الرباعيُّ/ الأصلُ (الأزهر، فاتحي، هبولي والزگاري) بمفرده، وعزفها بنوتاتٍ، تُشعّ منها متعة النّظر إلى الجمال التشكيليّ العزيز.

1989 (سنة إنجاز الأعمال المعروضة في مطلع 1990)- 2024: طوال الـ 35 سنة هذه، تقاطعت المساراتُ الفنيّةُ للتشكيليين شفيق الزگاري، ونور الدين فاتحي، وبوشعيب هبولي وعبد الكريم الأزهر، لتلتقيَ في ورشة الفنون الگرافيكية الممثلة بالسيريغرافيا وتقنيات الحفر في حالتهم، هذه التقنيات الخالقة لنسخ متعددة ومحدودة العدد للعمل الأصليّ الأول، العملِ الخالقِ الولودِ… تقاطعت مساراتُهم لإعادة خلق المتعة التشكيليّة بعيدا عن لين عيش المحمل ووحدانية المنجز، تلك الوحدانيّة “التي ليست غير وحدة لا عقب لها” (أندري كونت- سبونفيل).

خمس وثلاثون سنة، وها هم يُكرّرون التّجربةَ بتوقيعٍ مشتركٍ سابعٍ، يحتفي بتعدد المنجز الإبداعيّ تشكيليّا، ومضاعفته إلى سلسلة من الوحدات الفنية المتماثلة. أربعة فنّانين يتنازلون، مع سبق الإصرار، على وحدانية المبدع الممتعة والمتخلصة من القيود الجمعيّة، وذلك خلال المدّة التي يفرضها إنجاز وإنتاج معرض جماعيّ موضوعاتيّ تقنيّاً… ويمتثلون لطقوسٍ جماعيّة لمجموعة فنية، لوتيرة عملها وتقنيات الاشتغال التي تفرضها، إبداعيّا وتقنيّا… وقد قرضوا ولحنوا، بجرأة خصوصية كل واحد منهم وتجربته الذاتية، أنشودة تعتق زائر معرضهم الجديد من مؤامرة الإتلاف اليومي التي تطولُ مشاهداته.

وبغية تأليف أنشودة بصرية بهذا القدر من الإمتاع البصري، يمتح كل فنّان من فنّاني الرباعي مقترحَه الجماليَّ من حساسيّته التشكيليّة الذاتيّة، وإدراكه المتفرّد لمعمار الإبداع فنيّا، وأشكاله التّشخيصيّة الجديدة أو المشخّصة تجريديّا للإنسان والكائنات والأشياء، ولوحة ألوانه، والدلالة التي تحكم فعله الإبداعيّ الخاص، ومرجعيات تيماته. ممّا يخلق “وحدة مركبة” تخترقُ المعرض، تحكم إيقاعه، وتنظمه؛ وحدة مركبة، هي “وحدةٌ في رحم التنوع، تنوع في رحم الوحدة، وحدة تخلق التنوع، وتنوع يعيد خلق الوحدة” (إدغار موران).

استعادية، نسخة 2024 من “گرافيك” كذلك بامتياز لكونها مناسبة لتذكر مسار طويل صاغه تشكيليا وجماعيا الرباعي الفني، وآثار گرافيكية لذاكرة بصرية مشتركة، هي، في الواقع، وعي حاضر بماضي مرصع بست دورات. وعلاوة على هذه السمة، يهب المعرض لزواره أعمالا جديدة، تسمح لهم بقياس المسار الإبداعي للفنانين العارضين ومنعطفاته على امتداد عقود عدة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى