أعمدة الرأي

مساعي تنحية ترامب

 
بقلم د/مصطفى توفيق 

من المستبعد للغاية أن يستسلم الرئيس دونالد ترامب للضغوط من أجل الاستقالة في الأيام الأخيرة من رئاسته، ومن المستبعد أيضًا أن تجبره حكومته على الاستقالة من خلال اللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين للدستور ، على الرغم من دعوات الديمقراطيين الذين يصرون على تعديل المادة 25 من الدستور التي تنص على عزل الرئيس إذا كان غير قادر على أداء مهامه بسبب مرض عقلي أو جسدي.
و في اعتقادي أن هذا الخيار الذي أصبح يشغل إهتمام الرأي العام العالمي يثير الكثير من الجدل خصوصا بعد أن اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابتول “الكونغرس الأمريكي” معقل الديمقراطية بذريعة سرقة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية 2020، حيث أكدت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن الديمقراطيين “سيواصلون” إجراءات العزل هذا الأسبوع إذا لم يرد نائب الرئيس مايك بنس على الفور على قرار يدعو مجلس الوزراء إلى تطبيق التعديل الخامس والعشرين.
ستكون هذه بلا شك مهمة معقدة في الأيام الأخيرة لرئاسة ترامب، حيث لم يواجه أي رئيس أمريكي مساءلة مرتين، كما أن هناك العديد من الأسئلة حول كيفية سير العملية ، بالنظر إلى أن الرئيس المنتخب جو بايدن الذي أعلن عن فوزه بصفة رسمية سيؤدي اليمين كرئيس للولايات المتحدة رقم 46 في غضون تسعة أيام فقط.
و أعتقد أن الطريقة التي تعمل بها عملية الإقالة بموجب الدستور تتطلب إجراءات الإقالة من مجلسي الكونجرس “مجلس النواب ومجلس الشيوخ” باتخاذ إجراء، حيث يمتلك مجلس النواب “السلطة الوحيدة للمساءلة” للمسؤولين الفيدراليين ، وكل ما هو مطلوب هو أغلبية بسيطة لبدء الإجراءات، حيث يتولى مجلس النواب بشكل أساسي دور المدعي العام ، ويقرر ما إذا كانت التهم تستدعي الاتهام والمحاكمة، و سيظل مجلس الشيوخ هو المكان الذي تجري فيه المحاكمة الفعلية، و بموجب الدستور الأمريكي ، تعمل الغرفة كمحكمة ، حيث ينظر أعضاء مجلس الشيوخ في الأدلة التي يقدمها الشهود أو أي شكل آخر يعتبرمناسبًا، في حين أن هذه الإجراءات تنطوي على العديد من الزخارف لمحكمة فعلية ، فمن المهم أن المساءلة هي عملية سياسية، حيث يرى بعض الخبراء القانونيين ، مثل محامي ترامب الأول ، آلان ديرشوفيتز ، الذين جادل بأن الجرائم التي تستوجب العزل تقتصر على الجرائم الفعلية، و لكن آخرون يختلفون معه في النقاش على ذلك، خصوصا و أن الادانة سواء تبثث أم لا، تتطلب ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، و هي بهذا المعنى ستظل عتبة عالية بشكل متعمد لمنع نجاح إجراءات العزل ذات الدوافع السياسية، و الحقيقة على أرض الواقع، لم يسبق أن واجه أي رئيس في السابق هذا العائق، فقد تمت تبرئة كل من أندرو جونسون (1868) وبيل كلينتون (1998) وترامب (2019)، و الأيام القليلة القادمة، ربما ستثبث ذلك مع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى