أعمدة الرأي

مآسي الآخرين في مجتمع الفرجة

صوت الصحافة // فرحان بنعمرو

شهد المجتمع المغربي خلال السنوات الأخيرة مجموعة من التحولات والتغيرات الجذرية في مختلف المجالات؛ سياسيا واقتصاديا وثقافيا ؛ و في مقدمتها التغير الذي حدث في الجانب الإجتماعي و الثقافي.
.
يرتبط هذا التحول بمجموعة من التحولات السابقة التي ترجع أصولها التاريخية إلى الاستعمار الأ وروبي وزرع قيمها الحضارية على حد تعبيره (الإستعمار) ، مما أسهم بشكل او بآخر في انتقال المجتمع المغربي من المجتمع الفلاحي و المتمثل في التعاون والتضامن، إلى مجتمع شبه رأسمالي إن لم نقل كذلك و انتشار قيمه ومبادئه السياسية المتمثلة في التجارة في كل شيء حتى لو في الانسان و ذلك من أجل الربح المادي .

لقد حاول الاستعمار الاوربي في فترته الأولى و المتمثلة في الاستعمار العسكري تمهيدا لنشر قيمه ، و ذلك من أجل ضمان استمراره الوجودي في هذه الأخيرة (الأرض) ، كونه كان يعي جيدا أنه سيأتي يوما لا محالة و فيه سينتهي تاريخه الوجودي في المغرب خاصة في مايتعلق بالجانب العسكري.

بالفعل لقد حدث ذلك بعد مجموعة من المحطات التي قدم فيه رجال المقاومة المسلحة الغالي والنفيس سواء في الريف أو في الجنوب المغربي، لكن الاستعمار الغربي المتوحش كان قد نهج خطة اكثر خطورة وفتكا عن المحطة الأ ولى التي تمثلت في الاستعمار الثقافي بعد بنود ” ايكس ليبان “التي لها ما لها.
مباشرة بعد المحطة الثانية ، جل التنظيمات الاجتماعية ، والتي كانت لها أشكال تنظيمية وعلائقية وأ خلاقية وبنيات ثقافية متنوعة لم تكن كما هي اليوم بل هي نتاج لمجموعة من التغيرات والتحولات الجوهرية الحاصلة في مختلف المجتمعات التي تعرضت للاستعمار الأوروبي و ذلك على المستوى العسكري و الاقتصادي و الثقافي. .

وهكذا أصبح واقع الحال ، يظهر لنا جليا مع بروز مختلف التطورات والتحولات الشاملة، التي شهدها نمط العيش داخل المجتمعات الرأسمالية، حيث نجد العديد من المؤسسات لم تكن ثابة بل شهدت ظهور تحولات عميقة مثل ؛ مؤسسة الزواج، اللغة، القبيلة، إذا عرفت الكثير من التطورات والتحولات كما اتخذت
أشكال و أوجه، متعددة.

بناء على ما سبق ، و دائما في ارتباط وثيق مع العولمة و عصر التكنولوجيا أو ما يعرف بالمجتمع الشبكي ، فإن المجتمع الحديث قد عرف مجموعة من التحولات و ذلك على جميع المستويات ، سواء على مستوى السياسة والاقتصاد و الثقافية.
.
فالعولمة قد ساهمت في تغيير قيم المجتمع ، حيث تحاول
القضاء على الثقافة المحلية و تعويضها بالثقافة العالمية أو ثقافة الغرب ؛ كل هذا بفضل ما أصبح يعرف ب”بروتوكول التواصل ” بين بني البشر على مستوى العالم ، مما أدى بهم إلى التجرد من إنسانيتهم و قيمهم نحو نهج قيم الغرب ، و غابت قيم الإنسانية و الكرامة …

و قد تجسد كل هذا بالخصوص بسبب تأثيرات العولمة على الهوية الثقافية للإنسان ؛ فعلى سبيل الذكر ، في الآونة الأخيرة عرف المجتمع المغربي حادثا أليما ، و الذي تجلى في وفاة طفل صغير “ريان” بسبب سقوطه في بئر و ذلك في شمال المغرب في منطقة “تامروت” ، هذا الحادث الذي تولد عنه انفجار كبير بسبب العولمة ، حيث ذاع الخبر على مستوى العالم ، و من جهة حاول الناس أن يظهروا حزنهم عليه و تعاطفهم مع والديه ، هنا ظهرت فئة من المجتمع و التي تدخل في إطار ما يعرف عنها “بالمؤثرين” ، حيث حاولت أن تستغل هذا الموقف و قام بعض منهم بنشر إعلانات مزيفة تكمن في أنهم سيقدمون مساعدات مادية لوالدي الطفل ريان ، مما تبين في نهاية المطاف بأنه لا وجود لأي شيئ من هذا في الواقع ، سوى أن أولئك يريدون أن يحصلوا على الشهرة و يعرفون أكثر على مستوى العالم .
هذا ، و كذلك مجموعة من الأحداث المؤلمة التي تلم بمجتمعنا و تنتشر بسرعة البرق بفضل العالم الرقمي ، حيث و مع تعددها غاب الضمير الإنساني و أصبحوا لا يحسون بأي شيئ و لا يتألمون ، بل بالعكس كل شخص يفكر في مصلحته فقط .
و في الختام ، قد تكون ملائمة لهذه المعضلة ، فاننا نقترح من أجل التقليص من التأثيرات السلبية للعولمة ، أن يحاول الأفراد الحفاظ على الثقافة المحلية و قيمهم الانسانية و لا يسقطوا في ثقافة الغرب باعتبارها مؤامرة تسعى للتأثير في عقولهم …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى