كما تتساقط أوراق الخريف
إبراهيم شويبا
صحيح أن من هندس لنتائج الانتخابات استطاع أن يهزم العدالة والتنمية، لكنها ليست هزيمة حقيقية، وبلغة ابن كيران هي فقط “بريكول”، لن يستمر”سحره” إلى ما لا نهاية، وأصحاب “البريكول” سيتساقطون كما تتساقط أوراق الخريف، وفي أول امتحان سيظهر معدن كل واحد وتنكشف الأقنعة.
فالسياسة الحقيقية هي التي تفرز رجال المواقف في المراحل الصعبة، أما السياسة بمنطق المقاولة والتجارة، فهو ينتج المتنفعين والوصوليين والانتهازيين، هؤلاء هم أول من يحزم حقائبه في أول امتحان صعب يمكن أن يمر به البلد، ولقد عشنا في مرحلة 20 فبراير كيف هرب البعض فارا بجلده، وكيف توارى البعض إلى الخلف ولزم الصمت ودثر بالخوف وبالجبن، الذين وقفوا أنذاك الموقف الصحيح هم الذين أنجبهم تربة الشعب، ومحصتهم الأزمات، هم الذين يشبهون هذا الوطن، أصلهم ثابت وفروعهم في السماء.
“ما فكينش” عنوان المرحلة المقبلة، التي على حزب العدالة والتنمية أن يدبرها بكثير من الوفاء لثوابت الوطن، وكثير من الانسجام مع المنطلقات، وكثير من استحضار المرجعية في القول والسلوك، ولكن أيضا بكثير من الاجتهاد والتجديد، فالحزب يعيش دورة جديدة في حياته، تطلب مراجعات حقيقية ونقدا واعيا للذات، وتمحيصا للكسب السياسي السابق، فبعد تجاوز الأثر النفسي لنتائج الانتخابات القاسية، اليوم وجب فتح ورش تجاوز مسبباتها وقراءة الذات والأفق على ضوء مخرجاتها.
لقد فوت الحزب على خصومه فرصة الانتشاء بنصر موهوم، بحفاظه على وحدته أولا، ثم بانصرافه نحو المستقبل ثانيا، فلهذا نقول بكل ثقة، إنه واهم من يعتقد أنه بإمكانه محو العدالة والتنمية من المشهد، لأن الأحزاب الحقيقية روح وفكرة تسري في المجتمع، واجتثاتها يكاد يكون مستحيلا، والتاريخ يؤكد ذلك، فكم من الأحزاب التي خلقت في دهاليز مظلمة طواها النسيان ولم يعد يذكرها أحد، بينما بقيت الأحزاب الحقيقية واقفة صامدة رغم ما مر عليها من صعاب وما واجهته من تحديات، ففي النهاية لا يصمد إلا الصحيح، “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”