كلمة الرئيس الحكومة جلسة مساءلة الشهرية بمجلس النواب حول الموضوع البنيات التحتية الأساسية الرافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
صوت الصحافة
صوت الصحافة
مجلس النواب، الإثنين 16 دجنبر 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس النواب المحترم؛
السيدات والسادة النواب المحترمون؛
السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
أتشرف بالحضور إلى مجلسكم الموقر مرة أخرى لمناقشة محاور الجلسات الشهرية حول السياسة العامة. وهي مناسبة دستورية حرصنا على احترام مواعيدها الشهرية طيلة الدورات التشريعية، وفق ما يقتضيه الدستور ومتطلبات التعاون البناء بين الحكومة والبرلمان.
كما أنوه بمبادرة السادة البرلمانيين على اختيارهم “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية” موضوعا لهذه الجلسة الدستورية. باعتباره ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي، ودعامة كبرى تراهن عليها الحكومة في تنزيل مختلف سياساتها القطاعية.
حضرات السيدات والسادة،
إن نموذج “مغرب المستقبل”، الذي يتصوره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يتجسد في رسم معالم “مغرب جديد” قائم على التكامل العميق بين مكتسباتنا الوطنية والإرادة الجماعية.
وهو التصور الملكي الذي يراهن في نفس الوقت، على استثمار كافة المؤهلات والإمكانات التي تزخر بها المملكة، في سبيل تحقيق إقلاع حضاري وتنموي شامل، وتوطيد دعائم نموذج وطني متفرد، مبني على رؤية استراتيجية مستقبلية طموحة.
ففي سياق اجتاز فيه العالم لحظات اللايقين، استطاعت بلادنا التأسيس لمسارات تنموية واعدة، تقوم على فهم عميق للتحولات الراهنة، وتسعى للعبور نحو مراحل أوسع من الارتقاء التنموي.
وإذ نظل على ثقة بالغة في قدرة بلادنا على تجاوز صعوبات المرحلة، فإننا نلتزم، داخل الحكومة، بالمساهمة في ترسيخ مكتسبات المملكة على درب النمو والازدهار.
وفي هذا الإطار، لابد من التأكيد على أن موضوع “البنيات التحتية” يشكل أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي الذي يقوده صاحب الجلالة، نصره الله، منذ اعتلاء عرش أسلافه المنعمين، وذلك في إطار مشروع مجتمعي طموح، وبمنظور واضح وشامل يقوم على التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ضمان العدالة المجالية.
حيث شكلت المشاريع الاستراتيجية الكبرى للبنية التحتية أحد أبرز أوجه التحديث والتطوير الذي تشهده المملكة، في عهد جلالة الملك، حفظه الله، ورافعة لكل الاستراتيجيات القطاعية والتنموية الطموحة التي وضعتها بلادنا.
وهو ما مكن المملكة من بلوغ المكانة الرائدة التي صارت تحظى بها في هذا المجال قاريا وإقليميا، حيث احتلت بلادنا المركز الأول إفريقيا في مجال تطور البنية التحتية، برصيد 85,8% حسب “مؤشر الحكامة الإفريقية” لسنة 2024، الذي صدر نهاية أكتوبر الماضي.
كما أصبح ميناء طنجة المتوسط يحتل المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا كأكبر ميناء للحاويات، وغير ذلك من الإنجازات المحققة في مجالات البنيات التحتية الكبرى والمتنوعة التي تحدد معالم مغرب اليوم والغد.
ولابد هنا أن أستحضر بالأرقام ما حققته بلادنا خلال 25 سنة على مستوى إنجاز البنيات التحتية وتحديثها:
حيث انتقلنا من 80 كيلومتر من الطرق السيارة سنة 1999 إلى 1.800 كيلومتر حاليا؛
كما صار المغرب يحتل المركز 16 عالميا على مستوى كثافة وجودة الطرق بما يناهز 58 ألف كيلومتر، منها 2.164 كيلومتر من الطرق السريعة، مع معدل طرق معبدة يبلغ حوالي 80%؛
فضلا عن بلوغ 2.309 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية، منها 200 كيلومتر من الخطوط السريعة و64% من الخطوط المكهربة؛
كما انتقل عدد المطارات من 15 مطارا سنة 1999 إلى 25 مطارا حاليا، منها 19 مطارا دوليا، موزعا على مختلف ربوع المملكة؛
إضافة إلى انتقال عدد الموانئ من 24 ميناء سنة 1999 إلى 43 ميناء حاليا، منها 14 ميناء تجاري متعدد الاختصاصات، و22 ميناء للصيد البحري، و7 موانئ خاصة بالترفيه؛
وارتفاع عدد السدود من 95 سدا سنة 1999 إلى 154 سدا كبيرا حاليا بسعة تفوق 20 مليار متر مكعب.
ولأن تنمية المجال الترابي تظل أحد التوجهات الكبرى للرؤية الملكية المتبصرة، عملت بلادنا على تدارك الخصاص في الولوج إلى البنيات التحتية الأساسية في الصحة والتعليم والكهرباء والماء، سواء من خلال استثمارات قطاعية أو عبر استثمارات من خلال برامج خاصة، من قبيل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي الذي خصصت له ميزانية 50 مليار درهم برسم الفترة 2017-2023، إلى جانب برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبفضل هذه الرؤية الملكية المتبصرة في المجالات الاجتماعية وجهود تقليص الفوارق المجالية:
انتقل عدد المستشفيات من 112 سنة 1999 إلى 177 سنة 2024، بزيادة قدرها %58، كما انتقل عدد مؤسسات الرعاية الصحية الأولية من 2.138 إلى 3.066 خلال نفس الفترة، أي بزيادة قدرها 143%؛
كما ارتفع عدد المؤسسات التعليمية من 7.455 مؤسسة سنة 1999 إلى أكثر من 12.000 مؤسسة سنة 2024، أي بإحداث 4.678 مؤسسة خلال هذه الفترة، منها 62% بالوسط القروي؛
وانتقل عدد المؤسسات الجامعية من 73 مؤسسة برسم السنة الجامعية 1999-2000 إلى 162 مؤسسة برسم السنة الجامعية 2024-2025؛
في حين ارتفع عدد المؤسسات التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل من 185 مؤسسة سنة 1999 إلى 474 مؤسسة سنة 2024، كما تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات؛
ومكن برنامج “مدن بدون صفيح” من تحسين ظروف عيش ما يناهز 347.277 أسرة، ومن إعلان 61 مدينة بدون صفيح من أصل 85 مدينة.
وعلى صعيد البنيات التحتية المجالية، مكنت تدخلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من:
تأهيل 8.200 كيلومتر من المسالك والطرق؛
واستفادة 230.000 أسرة من الماء الصالح للشرب؛
مع ربط60.000 مسكن بشبكة الكهرباء؛
وتأهيل 519 مركز صحي.
وفي نفس السياق، ساهم برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية الموجه أساسا لتنمية المناطق القروية والجبلية من:
إحداث وتهيئة 20.864 كيلومتر من الطرق والمسالك، و222 منشأة فنية؛
3.940 عملية تشييد وإعادة بناء وتوسعة للبنيات التحتية التعليمية؛
713 عملية صيانة وتأهيل للبنيات التحتية التعليمية؛
194 عملية تجهيز للمؤسسات التعليمية؛
921 عملية بناء وإعادة بناء وتوسعة وصيانة للبنيات التحتية الصحية؛
867 عملية تجهيز للمؤسسات الصحية؛
إطلاق 734 منظومة للتزويد بالماء الشروب، تم إنجاز 683 منها؛
إطلاق 38.403 عملية للربط الفردي والمختلط وعبر النافورات، أنجزت منها 30.722؛
توسيع شبكة الماء الصالح للشرب بحوالي 1.092 كيلومتر؛
كهربة 1.135 قرية، وتمديد الشبكة الكهربائية على طول 1.070 كلم.
حضرات السيدات والسادة،
إن تزامن الولاية الحكومية الراهنة مع الرؤية الملكية السامية لبناء “مغرب المستقبل”، يجعلنا منخرطين في هذا الأفق التنموي الفارق في تاريخ بلادنا، والذي يقوم على ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية ونهضة اقتصادية، قادرة على خلق القيمة المضافة العالية، وإتاحة المجال للمبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمار.
وهي استراتيجية تنموية بعيدة المدى، نراهن على أن تستكمل أهدافها الكبرى في أفق 2030، باعتبارها فرصة تاريخية للتسريع بتحقيق هذا التحول النوعي في نموذجنا الاقتصادي.
وهو ما باشرنا تنفيذه بكامل المسؤولية، عبر التحديد الدقيق للأولويات الاستراتيجية، ومراجعة المقاربات والحلول الكلاسيكية.
ولهذه الغاية فقد عملت الحكومة على تحفيز الاستثمار الخاص لاسيما عبر إخراج ميثاق الاستثمار الذي من شأنه أن يعطي دفعة ملموسة على مستوى جاذبية بلادنا للاستثمارات الخاصة الوطنية والأجنبية، عبر مختلف التحفيزات التي يقدمها، موازاة مع الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة فيما يخص مناخ الأعمال.
من جانب آخر، ورغم تحدي استعادة التوازنات المالية التي تفاقمت نتيجة أزمة كوفيد، فإن الحكومة كانت مصرة على رفع مجهود الاستثمار العمومي بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع من 230 مليار درهم سنة 2021، إلى 335 مليار درهم سنة 2024 (و340 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025).
وقد حرصت الحكومة من خلال هذا المجهود الاستثماري على مواكبة مختلف الاستراتيجيات القطاعية، وعلى سبيل المثال:
استراتيجية الجيل الأخضر: حيث تم الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع الفلاحي من 15,3 مليار درهم سنة 2021، إلى 19,5 مليار درهم سنة 2024 (و20,2 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025)؛
الاستراتيجية السياحية: عبر الرفع من الميزانية المخصصة للقطاع السياحي من 1,3 مليار درهم سنة 2021 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2024 (و2,6 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025)؛
المغرب الرقمي: حيث ارتفعت الميزانية المخصصة للقطاع من 91 مليون درهم سنة 2021 إلى أزيد من 2 مليار درهم سنة 2024 (وأزيد من 2 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025).
البنيــــــــة التحتيــــــــــة للنـــــــقل
حضرات السيدات والسادة،
في خضم هذه الرؤية المستقبلية الطموحة، عملت الحكومة منذ تنصيبها على إنجاح عدة تحولات كبرى، وفي مقدمتها إطلاق مشاريع كبرى للبنيات التحتية في مختلف المجالات، سيكون لها الأثر الإيجابي في تعزيز ولوجية بلادنا وتيسير اندماجها الترابي عبر شبكة لوجيستية تستجيب للمعايير الدولية.
إذ نسجل بارتياح شديد، تربع المغرب على مراكز متقدمة قاريا وعربيا في التصنيفات الدولية من حيث جودة البنية التحتية، وهو ما يعزز من القدرة التنافسية للمغرب، ويرفع جاذبيته على المستويين الداخلي والخارجي.
أولا: بخصوص البنيات التحتية الطرقية
حيث تسهر الحكومة على تنفيذ برامج استثمارية تهم الطرق المزدوجة، عبر تسريع وتيرة إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة على امتداد 1.055 كيلومتر و16 منشأة فنية بكلفة مالية إجمالية تناهز 8,8 ملايير درهم، ستمكن من تعزيز الإشعاع السوسيو-اقتصادي لأقاليمنا الجنوبية.
كما تم إرساء نظرة مستقبلية في أفق 2030، تتجسد من خلال تسريع الأشغال المتعلقة ببناء محور برشيد–تيط مليل بكلفة 2,5 مليار درهم، وتثليث محور الدار البيضاء – برشيد.
كما تمت برمجة مشروع الطريق السيار القاري بين الرباط والدار البيضاء بكلفة إجمالية تقدر بــ 6 ملايير درهم، ومشروع الطريق السيار كرسيف-الناظور بكلفة إجمالية تقدر بـــ 7 ملايير درهم، من أجل تعزيز ربط جهة الشرق وضمان ربط ميناء الناظور غرب المتوسط الجديد بشبكة الطرق السيارة الوطنية، وهو ما سيكون له وقع بالغ الأهمية على حجم المبادلات التجارية والسياحية وتحسين مستوى الخدمة الطرقية.
ثانيا: بخصوص النقل السككي
تعمل الحكومة على تمديد الخط فائق السرعة من القنيطرة إلى مراكش، على طول 430 كيلومتر، مع ربط مطار الرباط والدار البيضاء. ومن المنتظر أن يمتد هذا الخط مستقبلا إلى مدينة أكادير.
ثالثا: بخصوص النقل الجوي
لابد من التذكير، أن تعزيز شبكة المطارات ببلادنا وتنزيل خارطة الطريق للسياحة، مكنت من تسجيل حركة النقل الجوي لأرقام قياسية تجاوزت 27,1 مليون مسافر سنة 2023 مقابل 25,1 مليون مسافر سنة 2019.
مع بلوغ رقم قياسي جديد بلغ 24,3 مليون مسافر خلال الفترة الممتدة من يناير حتى نهاية شتنبر 2024، بزيادة قدرها 20% مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة.
ومواصلة لهذه الدينامية، وضعت الحكومة مخططا لمضاعفة سعة النقل الجوي في إطار خارطة الطريق لقطاع السياحة 2023-2026، عبر إطلاق أزيد من 32 خط جوي جديد، بسعة إجمالية تقدر بــ 250.000 مقعد.
وقد مكنت هذه التدابير من تخفيف العزلة عن مجموعة من الجهات المغربية، وإعطاء دفعة قوية للسياحة من خلال بلوغ 14,5 مليون سائح سنة 2023، بزيادة 34% مقارنة مع سنة 2022، وتحقيق 104 مليار درهم من عائدات السفر.
وقد تأكدت هذه الدينامية خلال سنة 2024، حيث تم تسجيل 15.9 مليون سائح إلى غاية متم شهر نونبر الماضي، متجاوزا عدد السياح الوافدين خلال سنة 2023.
وفي هذا السياق المطبوع بديناميته الإيجابية، تعمل الحكومة على توسيع الطاقة الاستيعابية لمختلف المطارات بهدف بلوغ 80 مليون مسافر بحلول سنة 2030 عوض 38 مليون مسافر حاليا.
حيث يتم حاليا إنجاز أشغال توسعة وتجهيز كل من مطارات الرباط-سلا، وتطوان، والحسيمة الشريف الإدريسي، إضافة إلى أشغال تهيئة المطارات بكل من فاس وطنجة ومراكش وبني ملال وزاكورة والناظور.
وفي إطار الاستعداد لاستحقاقات كأس العالم 2030، سيتم تطوير وتوسعة مطار محمد الخامس الدولي من أجل بلوغ 23,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، عبر إنشاء مدرج ثالث، ومرافق إضافية بمبنى الركاب.
كما سيتم العمل على الرفع من الطاقة الاستيعابية لمطار مراكش لاستيعاب 14 مليون مسافر متوقع بحلول عام 2030، عبر تحسين ومضاعفة مساحة مبنى الركاب، وتوسيع منطقة انتظار الطائرات.
وفي نفس الإطار، ستعمل الحكومة على تجديد مطار أكادير بهدف تعزيز قدرته الاستيعابية لاستقبال ما يعادل 6,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، من خلال إعادة تأهيل وتوسعة المحطة الحالية، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية الخارجية.
رابعا: فيما يتعلق بالنقل البحري
فإن الحكومة واعية بالأهمية التي تكتسيها البنية التحتية للموانئ في الاقتصاد الوطني، حيث أن معظم المبادلات التجارية الخارجية للمغرب تتم عبر الطريق البحري، مما يشكل رافعة للاندماج الاقتصادي لبلادنا.
لذلك تواصل الحكومة، تنفيذا لتوجيهات صاحب الجلالة، تطوير شبكة الربط البحري، عبر بناء العديد من الموانئ، لاسيما ميناء الناظور غرب المتوسط بكلفة بلغت 11,56 مليار درهم، والذي من المتوقع انتهاء الأشغال به خلال الأشهر الأولى من سنة 2025، والتقدم في إنجاز الميناء الجديد الداخلة الأطلسي بكلفة تناهز 13 مليار درهم.
موازاة مع ذلك، تعمل الحكومة على توسعة العديد من الموانئ الأخرى، تلبية للطلب المتزايد على خدماتها، بكل من الجبهة وآسفي وأكادير.
حضرات السيدات والسادة،
إن الطابع الهام الذي تكتسيه قضايا السيادة ضمن التوجهات الملكية السامية، دفع الحكومة للتعاطي بجدية ومسؤولية من أجل تعزيز الأمن الاستراتيجي للقطاعات ذات الأولوية، لاسيما فيما يتعلق بمواجهة الإجهاد المائي والسيادة الغذائية، وتعزيز الأمن الطاقي للمملكة والنهوض بالصناعة الوطنية.
بهذا الخصوص، نثير انتباه مجلسكم الموقر، إلى أن الحكومة أولت عناية استثنائية لهذه المجالات الحيوية، عبر تمكينها من مسارات واعدة للتحول، وإعادة تشكيل إمكاناتها الإنتاجية، بما يعزز من قدرتها على مواكبة الحاجيات الوطنية ومواجهة المخاطر.
فعلى مستوى ضمان الأمن المائي
انكبت الحكومة على تسريع تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027)، وذلك تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية التي تروم تعزيز العرض من الموارد المائية لضمان تلبية احتياجات البلاد بنسبة 100% من الماء الشروب وتغطية 80% على الأقل من الحاجيات من مياه السقي.
ولتنمية العرض المائي، اعتمدت بلادنا برامج استراتيجية في إطار سياسة السدود، كنهج استباقي طويل المدى لتفادي الانعكاسات الوخيمة المرتبطة بمحدودية موارده المائية وطابعها المتقلب.
موازاة مع ذلك، تعمل الحكومة على تسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية، بما يضمن الربط المائي بين حوض واد لاو العرائش واللوكوس وحوض وادي أم الربيع، الذي تم إنجاز شطره الأول (بين حوض واد سبو وأبي رقراق) بغلاف مالي يقدر بــ 6 ملايير درهم، بطاقة نقل للمياه تقدر بــ 15 متر مكعب في الثانية (تقريبا مليون متر مكعب يوميا).
ولمواصلة دعم إنتاج الموارد المائية غير الاعتيادية، تعمل الحكومة على تسريع وتيرة إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر وتطوير صناعة محلية لإنتاج المياه المحلاة مع تشجيع استعمال الطاقات المتجددة لإنتاجها، من خلال مواصلة إنجاز 7 مشاريع وإطلاق الأشغال بــ 9 محطات أخرى جديدة لتحلية مياه البحر في أفق سنة 2030 (تنضاف إلى 14 محطة المتوفرة حاليا)، بهدف الانتقال من طاقة حالية تقدر بحوالي 254 مليون متر مكعب لبلوغ طاقة إجمالية تقارب 1,7 مليار متر مكعب سنويا بحلول 2030.
ومن جانب آخر، سيتم تعزيز الموارد المائية غير الاعتيادية من خلال دعم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة عبر الرفع من الطاقة الخاصة بمعالجة المياه العادمة لبلوغ ما يقارب 100 مليون متر مكعب سنويا في أفق 2027.
ومن أجل التدبير الرشيد والمستدام للطلب على الماء لمواجهة تسارع التغيرات المناخية، اتخذت الحكومة عدة تدابير استراتيجية استباقية بمختلف القطاعات المستعملة للماء، تهم على الخصوص دعم برنامج الاقتصاد في مياه السقي في إطار استراتيجية الجيل الأخضر (2020-2030)، وذلك بهدف توسيع المساحة المجهزة بالتقنيات المقتصدة لمياه السقي لتنتقل من 653 ألف هكتار سنة 2020 إلى 1 مليون هكتار في أفق 2030، لتغطية ما يقارب %64 من مجموع المساحات المسقية.
هذا مع توسيع المساحات المسقية على سافلة السدود على مساحة 72.450 هكتار في أفق 2030، والتي بلغ مستوى إنجازها 38.000 هكتار (53%)، إلى جانب تأهيل البنية التحتية للدوائر السقوية الصغرى والمتوسطة على مساحة 200.000 هكتار في أفق 2030، وإعطاء الأولوية بالخصوص للمناطق الهشة، التي فاقت مساحتها المنجزة 60.000 هكتار.
أما على مستوى السيادة الصناعية
تواصل الحكومة مجهوداتها لتقوية القطاع الصناعي الوطني، عبر مواكبة منظومتنا الإنتاجية الوطنية والدفع بتحولها النوعي.
حيث تم تأهيل شبكة البنيات التحتية التكنولوجية والابتكار الصناعي، بهدف تقوية الاندماج المحلي في مختلف سلاسل القيمة الصناعية وتطوير مهن صناعية جديدة.
وفي هذا الصدد عملت الحكومة على إطلاق 32 مشروع جديد لإحداث وتوسيع المناطق الصناعية ومناطق التسريع الصناعي ومناطق الأنشطة الاقتصادية، موزعة على جميع جهات المملكة. مما سيمكن من توفير عقار صناعي إضافي يقدر بــ 3.700 هكتار، أي بزيادة 30% من المساحة الإجمالية الحالية (13.600 هكتار)، وهو ما سيساهم في خلق شروط استقبال جيدة للمشاريع الاستثمارية وضمان توزيعها الترابي الأمثل.
وتجدر الإشارة إلى الدينامية الكبيرة التي تعرفها وتيرة إنجاز مجموعة من المناطق الصناعية بعدد من الجهات، وفي مقدمتها “مدينة محمد السادس طنجة-تيك” باعتبارها فضاء صناعيا مندمجا يروم بث دينامية جديدة في الأنشطة الاقتصادية للمملكة وترسيخ مكانتها في الفضاء الأورو متوسطي.
وبالنسبة للانتقال الطاقي
واستكمالا لملامح الريادة المغربية في مجال البنيات الأساسية ذات المستوى العالي، تواصل المملكة تأسيس منصات مثالية لريادة الأعمال وجذب الاستثمارات العالمية. كما هو الحال بالنسبة للمبادرة الملكية لتغيير نموذجنا الطاقي وتحسين تموقع المملكة في مجال الطاقات المتجددة، مستفيدة من مؤهلاتها الطبيعية وموقعها الجغرافي المتميز. حيث كثفت بلادنا جهودها لتطوير البنيات التحتية الطاقية، لاسيما مصادر الطاقة المتجددة في إطار استراتيجيتها لخفض الكربون وتعزيز السيادة الطاقية، عبر تعبئة الموارد الوطنية من طاقة ريحية وشمسية وغيرها، بغية زيادة الطاقات المتجددة لتبلغ نسبة 52% من المزيج الطاقي بحلول سنة 2030. إضافة إلى اعتماد أساليب النجاعة الطاقية كأولوية وطنية حيث من المنتظر أن يتم تحقيق اقتصاد في الطاقة بنسبة 20 % في أفق 2030.
وقد بلغت القدرة الإجمالية المنشأة من الطاقات المتجددة 5.300 ميغاوات، أي ما يعادل 45% من المزيج الطاقي الكهربائي، وذلك إلى غاية متم شهر غشت من سنة 2024.
فيما يخص البرنامج الوطني للطاقة الشمسية، فقد تم إنجاز 4 محطات ضمن المركب الشمسي نور ورزازات، إضافة إلى نور العيون 1، ونور بوجدور 1، التي بلغت قدرتها الإجمالية ما مجموعه 687 ميغاوات.
وبخصوص الطاقة الريحية، فقد بلغت القدرة الكهربائية المنجزة من هذه الطاقة خلال السنة الماضية عتبة تاريخية بلغت 1.858 ميغاواط، متجاوزة للمرة الأولى القدرة المنجزة من الطاقة المائية (1.770 ميغاواط)، لتصبح بذلك المصدر الرئيسي للطاقة المتجددة من حيث القدرة الكهربائية المنجزة.
ولأن تسريع الانتقال الطاقي يشكل محركا رئيسيا لخفض الكربون في الاقتصاد المغربي، فإنه من المتوقع أن يتزايد معدل الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي بشكل كبير، لينتقل من 4 مليار درهم سنويا إلى 15 مليار درهم خلال فترة 2024-2027.
ولمواصلة تنزيل رؤية بلادنا الرامية لتعزيز الطاقات المتجددة والرفع من نسبتها في المزيج الكهربائي، عملت الحكومة على إطلاق مشروع الربط الكهربائي بين جنوب ووسط المملكة الذي يهدف إلى تقوية شبكة النقل الوطنية للكهرباء من خلال إنشاء خط للربط الكهربائي بين منطقة بوجدور–الداخلة ومناطق وسط المغرب وذلك بغية توصيل الطاقة المتجددة المنتجة بوتيرة مرتفعة في الجنوب إلى وسط المملكة.
وفيما يتعلق بقطاع الغاز الطبيعي، فقد أحرزت بلادنا تقدما ملحوظا في هذا المجال، باعتباره رافعة أساسية للانتقال الطاقي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات الوطنية.
وعلى الصعيد القاري، يهدف مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي إلى توفير 8.800 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة.
وهو ما من شأنه تحسين المستوى المعيشي لقرابة 400 مليون شخص عبر ربط 16 دولة إفريقية على الساحل الأطلسي.
كما يروم المشروع تسريع الربط بالكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وكذا تحفيز مختلف الصناعات لتوفير فرص الشغل وتعزيز التكامل والاندماج الاقتصادي بين الدول المعنية بالمشروع.
وتفعيلا لعرض المغرب من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، والذي يعد عرضا عمليا تحفيزيا يشمل مجموع سلسلة قيمة القطاع، فقد حددت الحكومة وعاء عقاريا إجماليا تقدر مساحته بمليون هكتار، سيتم توفير 300 ألف هكتار منها لفائدة المستثمرين خلال المرحلة الأولى.
ويتم حاليا الاشتغال بدقة على كل الآليات المصاحبة لهذا العرض، بما في ذلك وضع الإطار التنظيمي والمؤسساتي الذي سيمكن من مواكبة هذا الاقتصاد الجديد.
وفي هذا الصدد، وتفعيلا للتعليمات الملكية السامية الهادفة إلى تسريع تنزيله، فقد حرصت لجنة القيادة المكلفة بــ “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر على الانتقاء الأولي لمجموعة من المشاريع بلغت 40 مشروعا لكبار الفاعلين في المجال، تغطي أساسا الجهات الثلاث للأقاليم الجنوبية للمملكة.
وبخصوص الانتقال الرقمي
وحتى تكتمل ملامح هذه الانعطافة النوعية للاقتصاد الوطني، قامت الحكومة بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، نظرا لما تتيحه من إمكانات سوسيو-اقتصادية عالية، لاسيما فيما يتعلق بتحفيز دينامية تشغيل الشباب، وتعزيز مستوى الاندماج الرقمي للمجتمع.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى بث دينامية في مجال الاقتصاد الرقمي عبر تقديم خدمات سحابية متنوعة تحترم السيادة الوطنية، وتستجيب للمعايير الدولية، وتلبي احتياجات القطاعين العام والخاص، مع تجويد تغطية شبكة الأنترنيت وتحسين جودة الاتصال للاستخدامات الأساسية، بهدف مواصلة توسيع هذه التغطية في المناطق القروية، وإطلاق الجيل الخامس 5G بحلول سنة 2026.
ولبلوغ هذه الغاية تعمل الحكومة على تطوير بنية تحتية رقمية قوية لتلبية الاحتياجات المتزايدة للربط بالإنترنت، عبر الاستثمار في البنية التحتية ذات الصبيب العالي والعالي جدا الثابت والمتنقل في جميع التراب الوطني، بهدف تقليل الفوارق الرقمية الجهوية وضمان الإدماج الرقمي للساكنة المهمشة.
البنيات التحتية الاجتماعية
السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب، السيدات والسادة الوزراء؛
إن “مغرب المستقبل” كما ترتسم معالمه تحت القيادة الملكية الرشيدة، لا يختصر في بنيات هيكلية ومواعيد عالمية، بل هو مغرب النهضة الشمولية في مختلف أبعادها الاجتماعية وعدالتها المجالية.
وتماشيا مع الطموح الملكي الكبير لتعزيز أسس الدولة اجتماعية، فقد حظيت هذه الحكومة بشرف وضع لبنات هذا المشروع الملكي الضخم، عبر إقرار سياسة اجتماعية متكاملة، ستشكل صمام أمان ضد الصدمات والتحديات المستقبلية.
ومن الإنصاف أن نعترف بما حققته الحكومة المغربية اليوم في المجال الاجتماعي، من خلال التزامها المسؤول والفعلي بتعميم الحماية الاجتماعية وفق الأجندة المحددة لها، ووضع إصلاحات مهيكلة لقطاعات الصحة والتعليم وتقليص الفوارق.
والحال أن بلوغ هذا النجاح، يعكس جهود الحكومة في تشييد صرح مؤسساتي حديث من البنيات التحتية الاجتماعية ذات الولوجية الجيدة، لمواكبة هذا الانتقال التاريخي.
حيث أن النتائج المحققة بخصوص تعميم التغطية الصحية الإجبارية والدعم الاجتماعي المباشر، استفادت بشكل كبير من المراجعة العميقة لآليات الاستهداف الاجتماعي للأسر، ومن وضع السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد باعتبارهما بنية تحتية رقمية ساهمت في التوجيه الناجع لآليات الدعم.
وقد شمل هذا الإصلاح كذلك تدارك الخصاص الهيكلي في المجالات الاجتماعية، لاسيما في قطاعات الصحة والتعليم والتكوين والسكن والتنمية الحضرية والبشرية بشكل عام.
فبالنسبة للبنيات التحتية الصحية
تواصل الحكومة تنزيل مشروع تأهيل 1.400 مركز صحي للقرب، بلغت وتيرة إنجازها أزيد من 60%. كما تعمل على مواصلة واستكمال بناء وتجهيز المراكز الاستشفائية الجديدة بكل من العيون وكلميم والراشيدية وبني ملال بطاقة سريرية تقدر بـ 1.820 سرير ومواصلة تجهيز المستشفى الجامعي لأكادير (بطاقة 860 سرير)، إضافة إلى إعادة بناء وتجهيز مستشفى ابن سيناء بالرباط بطاقة تصل إلى 1.044 سرير.
فضلا عن مواصلة بناء وإعادة تأهيل 78 مؤسسة صحية جهوية وإقليمية و40 مستشفى للقرب، لترتفع الطاقة السريرية لهذه المراكز بــ 7.607 سرير.
إضافة إلى إرساء منظومة حكامة فعالة للأمن الصحي ووضع أسس السيادة الصحية، عبر تطوير قدرات إنتاج الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية الأساسية، مع الرفع من إمكانات رقمنة القطاع.
وقد ترجمت الحكومة هذه المجهودات من خلال رفع ميزانية الصحة من 18 مليار درهم سنة 2020، إلى أزيد من 30 مليار درهم سنة 2024 (وحوالي 33 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025).
وفيما يخص مجالات التربية والتكوين
تواصل الحكومة، وفق منهجية سليمة ودقيقة، خلق فضاءات مدرسية جذابة قادرة على استيعاب محاور خارطة الطريق الجديدة، لاسيما فيما يخص تعميم التعليم الأولي، وإرساء مؤسسات الريادة، والارتقاء بالرياضة المدرسية، وتطوير المدارس الجماعاتية والأقسام الداخلية والإطعام المدرسي.
وبإرادة سياسية قوية، تم الرفع من ميزانية القطاع من 62 مليار درهم سنة 2022، إلى أزيد من 85 مليار درهم سنة 2025.
كما تستفيد الجامعة المغربية بدورها من هذه الدينامية الانتقالية، حيث وضع المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي، ضمن أهدافه الأساسية مراجعة نموذج الحكامة المؤسسية للقطاع، عبر التركيز على تحسين ولوجية الجامعات الوطنية وتعزيز طاقتها الاستيعابية وإعادة النظر في فضاءات البحث والتحول التكنولوجي.
ومن جهة أخرى، اعتمدت الحكومة تدابير غير مسبوقة لتحسين جاذبية التكوين المهني خاصة من خلال التعجيل بإعمال خارطة الطريق المتعلقة بمدن المهن والكفاءات، التي تعرف وتيرة إنجازها مستوى متقدما في الجهات الإثني عشر للمملكة، والتي ستشكل رافعة مؤسساتية في تحديد حاجيات الجهات من الكفاءات وصياغة برامج التكوين.
وفي هذا الصدد، فقد تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات، ومن المزمع افتتاح الخمس مدن المتبقية بباقي الجهات برسم الموسم الدراسي 2025-2026، وستوفر هذه المدن عند اكتمالها 34.600 مقعدا بيداغوجيا و5.600 سريرا بالأحياء الداخلية.
وفي إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تدبير التكوين المهني، بلغ عدد معاهد التدبير المفوض 14 معهدا للتكوين في المهن الاستراتيجية لبلادنا على غرار: صناعة السيارات، الطيران، الطاقات المتجددة، النقل والخدمات اللوجستيكية، والنسيج والألبسة والفلاحة، والتي تحقق معدل إدماج مهني يصل إلى 70.3%.
البنيات التحتية المجالية
حضرات السيدات والسادة،
إن التوجهات الاستراتيجية التي ينهجها المغرب، منحته سبقا مهما مقارنة بدول المنطقة، ومكنته من ولوج أسواق وقطاعات جديدة، داخل جغرافية متغيرة للنمو العالمي.
ولعل تمكن بلادنا، بفضل تطلعات ومجهودات جلالة الملك، من نيل شرف تنظيم كأس الأمم الإفريقية لسنة 2025 وكأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، لخير دليل، على أن بلادنا باتت وجهة جذابة للتظاهرات الدولية الكبرى.
في هذا السياق، تعمل الحكومة على تنزيل التوجيهات الملكية السامية للقيام بكل التدابير اللازمة حتى نكون في مستوى دفتر التحملات الذي وضعته (الفيفا)، وهو ما يتطلب رؤية مندمجة وتعبئة شاملة في هذا المجال.
حيث يشكل الاستعداد لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 محفزا حقيقيا وفرصة فريدة لتعزيز النمو الاقتصادي في بلادنا من خلال جذب المستثمرين المحليين والأجانب وتسريع الاستثمارات المقررة في عدة قطاعات، بما في ذلك كرة القدم والبنية التحتية الرياضية، والنقل، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن والصحة.
وتجري حاليا عمليات إعادة تأهيل البنيات التحتية التي ستستضيف هذه الاستحقاقات، في إطار برنامج لإعادة تأهيل وبناء الملاعب الكبرى الذي أطلق بكل من: الرباط، طنجة، مراكش، فاس، أكادير والدار البيضاء، وتحديث 45 ملعبا وموقعا للتداريب.
إلى جانب تشييد الملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان، بطاقة استيعابية تصل إلى 115.000 مقعد. ويقع هذا المشروع في قلب خطة جديدة للتنمية الحضرية والتخطيط المجالي، حيث سيصبح محورا رئيسيا لاستضافة الفعاليات الرياضية والثقافية والتجارية على الصعيدين الوطني والدولي.
وفيما يتعلق بالتنمية الحضرية والمندمجة للمدن
يتم إنجاز برامج تنموية لتثمين التراث الثقافي والحضاري، والمحافظة على المساحات الخضراء والمحيط البيئي، وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية للقرب ودعم الحكامة الجيدة، وحماية وتأهيل النسيج العمراني، وتعزيز وتحديث تجهيزات النقل، وتعزيز وتقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية وغيرها.
كما تعمل الحكومة على تنزيل برنامج خماسي للفترة 2024-2028 لتسريع وتيرة محاربة السكن غير اللائق والقضاء على دور الصفيح بشكل نهائي لفائدة 120.000 أسرة مستهدفة، وهو برنامج يقوم على أساس الدعم المباشر كآلية مالية محفزة لإعادة الإسكان في وحدات سكنية بتكلفة 250.000 درهم أو 300.000 درهم، عبر تعبئة وحدات عقارية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ووعيا منها بالدور الهام الذي يقوم به القطاع الثقافي باعتباره ركيزة لتعزيز الهوية الوطنية، عملت الحكومة على تنفيذ برنامج طموح يعطي الأولوية لحماية وتعزيز التراث الثقافي والبنيات التحتية الثقافية، حيث يتم إنجاز المشاريع الكبرى موضوع اتفاقيات الشراكة المتعلقة ببرنامج التنمية الحضرية لأكادير، وإعادة تأهيل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وإنجاز القطب الثقافي لمدينة فاس، وبرنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لطنجة.
وكذلك إطلاق بناء مركز حماية وتثمين موقع سجلماسة ومركز التعريف بالتراث الأركيولوجي لجبل إيغود باليوسفية، ومواصلة إنجاز مشاريع ترميم وصيانة الحمامات الرومانية بالموقع الأثري شالة، ومواصلة ترميم قصبة تمارة.
إضافة إلى مشاريع الترميم والتأهيل والتثمين للمعالم التاريخية المتضررة من زلزال الحوز، وغيرها من مشاريع البنيات التحتية الثقافية والإنسانية.
السيد الرئيس المحترم،
السيدات والسادة النواب المحترمون، السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
إن مناقشتنا اليوم، لموضوع البنيات التحتية الأساسية، ليست مجرد لحظة دستورية عابرة، بقدر ما تمثل استحضارا واعتزازا برؤية متبصرة لملك جعل من المنجزات الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية، عنوانا بارزا لانتقال المغرب إلى مصاف الدول الرائدة على الصعيد الدولي.
وهي رؤية تشكل البوصلة الحقيقية للعمل الحكومي للانخراط في جهود البناء والتشييد، وجعل الرهانات المستقبلية منعطفا حاسما في مسار بلوغ “مغرب المستقبل” كما يريده جلالة الملك، حفظه الله، لرعاياه الأوفياء.
ويبقى الرهان الكبير اليوم، هو الانخراط الجماعي وراء هذه الإرادة الملكية السامية، استكمالا للمسار التنموي ببلادنا.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته