حكايات من وحي البادية:من الغبطة والسرور إلى الحيطة والحذر – الحلقة الرابعة

صوت الصحافة // علي عدروج الزيادي
……..لم تستأنف الدراسة في ذلك الزمان، الا بعد وضع الترتيبات اللازمة المتخدة، من طرف المعلم الوحيد في القسم ، وذلك في غياب إدارة مركزية تقوم بتدبير وتسيير شؤون الثلاميذ والثيلميذات، كما هو الحال في وقتنا الحاضر. و بالتالي فالمعلم في ذلك الوقت كان يشكل القطب المركزي للتعليم، فهو الذي يلقي الدروس على الثلاميذ، ويفاوض الآباء ويوجه الأولياء، ويقوم بالتسيير الإداري والتدبيري، ويضع المناهج الدراسية، ويعمل أستاذا للرياصة، ومشرفا على توزيع وجبات الأكل على الثلميذات والثلاميذ، ويعمل أيضا حارسا على حرمة المدرسة، كان هدفه هو العطاء الميداني، وتكوين الأجيال ……
وهكذا بدأت الدراسة بأدوات محسوبة على رؤوس الأصابع، مطالعة “اقرأ ” للقسم التحضيري ،لمؤلفها الأستاذ أحمد بوكماخ الداهية المغربي رحمه الله. ودفتر 24ورقة صاحب جدول الضرب الشهير، وقلم الرصاص بممحاته الصلبة التي لا تفارقه إلا بعد نهايته. وقلم “ريشة” أما المداد الذي يوجد في محابر الطاولات، كان يتكفل به المعلم،أما المحفظة فلا حرج في ذلك، إذ كانت أغلبها من مخلفات أكياس الفوسفاط البلاستيكية، استعملها الثلاميذ ربما في غفلة من فقهاء أهل البيئة.
انطلقت الحصة التدريبية الأولى بحروف كبيرة كتبت على السبورة السوداء، بألوان الطباشير المختلفة، المعلم يكتب ويقراها بصوت مرتفع ،بغية ترسيخها في عقول الثلاميذ، وهم يرددونها في شكل جماعي،
بابا بوبي. باب
با بو بي
وهكذا إلى أن مرت الحصة الأولى في سلام تام، بدون إزعاج المعلم ،والذي كان يتابع حركات الثلاميذ ومدى تفاعلهم مع هذه الحصة، وفي نفس الوقت يسجل حالات الشرود، التي قامت بها مجموعة من الثلاميذ، إذ ضبطو في حالة تلبس ، وغياب اهتمامهم بالدرس الجديد، الذي اعتمد على الحروف الهجائية, ربما كانت هذه اللامبالاة متعمد فيها إلى درجة لم ينطقوا ولو بحرف واحد جماعة مع زملائهم في القسم، وكان ذلك كبرياء منهم، كيف لا وهم القادمون من الكتاتيب القرآنية،العارفون بمنهحية مخارج الحروف الهجائية، ويتقنون الكتابة، والضالعون في الضمير المستتر، ورغم هذا الامتياز، إلى أن المعلم كان له رأي آخر، وبطريقته ومنهجيته في التعليم، التي لا تخلو من الانضباط في السلوك وتقويم الاعوجاجات، قد عمل على تدبير شؤون القسم التعليمية، بطريقته العسكرية المعهودة، في تنفيذ الأوامر بحذافرها، ولا مكان للمتقاعسين، والخاملين، فكان ذلك اليوم من الحصة الثانية في التعليم الإبتدائي، من التحضيري، يوما مشهودا لكل من سولت له نفسه الخروج عن الصف، في تلقي الدروس، ولو كنت انت من وضع منهجيتها، وكان من ضمن هؤلاء الثلاميذ، السيد النائب المحترم في مجلس النواب عن أقوى دائرة انتخابية في ولاية الدار البيضاء الكبرى، والذي دافع عن القضايا الكبرى للشعب بأدائه المتميز……..
يتبع.