أعمدة الرأي

حان الوقت لتفعيل مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الصحراوية

بقلم خالد امين

قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يعيد إلى الأذهان، المعركة الدبلوماسية التي خاضها المغرب سنة 2015 للدفاع عن شرعية علاقاته التجارية مع الاتحاد الأوروبية، بعد اتخاذ المحكمة الأوربية نفس القرار إبتدائيا، قبل أن تراجعه في منطوق الحكم ألاستئنافي.

مرت سنة سنوات، وأعيد فتح الملف من جديد، لكن هذه المرة في ظل تطورات إقليمية مختلفة، جعلت الجزائر تخرج بالمكشوف في حربها غير المعلنة على المغرب، فبدأت بقطع العلاقات الدبلوماسية واستمرت في نهج سياساتها العدوانية تجاه مصالح المملكة، واليوم نجد أنفسنا أمام مناورة سياسية جديدة، تجعل من قرار المحكمة الأوروبية ذو طابع سياسي في قالب قضائي. لكن التناقض في هذا القرار، بحسب بعض المحللين، يكمن في أن مجلس أوروبا يشير بشكل واضح وبدون تحفظ إلى أن “البوليساريو” لا تحظى بأي شخصية قانونية ولا أي معايير تؤهلها لتكون طرفا أمام المحاكم الأوروبية، لكن في المقابل تم قبول الدعوى من حيث الشكل والمضمون، وهو ما يجعلنا اليوم مطالبين أكثر من أي وقت مضى بمراجعة توجهاتنا الإستراتيجية.

فعلى المستوى السياسي، يجب على الدولة تفعيل مقترح الحكم الذاتي بإعتباره الحل الأمثل لملف الصحراء، وأن لا تبقى رهينة للعودة إلى طاولة المفاوضات، فتزايد حضور المغرب في إفريقيا جنوب الصحراء اقتصاديا وسياسيا، وتعزيز التمثيليات الدبلوماسية لعدد من الدول بمدن العيون والداخلة، وتنزيل النموذج التنموي والمشاركة المكثفة لأبناء الأقاليم الصحراوية في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، وما أفرزته من تمثيلية انتخابية، عوامل تجعل من تفعيل الحكم الذاتي خيار أساسي لكسب معركة التمثيلية الحقيقية لأبناء الصحراء أمام المنتظم الدولي وقطع الطريق أمام “البوليساريو” التي تعتبر نفسها “الممثل الوحيد للصحراويين”.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، فأمام ما حققته الدبلوماسية المغربية من نجاحات إفريقية، وفق رؤية ملكية متبصرة، أعادت المغرب لمكانه الطبيعي، وأمام الاعتراف التاريخي الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، نجد أنفسنا أمام أزمات دبلوماسية مع دول أوروبية (ألمانيا، إسبانيا، فرنسا) تستدعي التوقف عندها، وإعادة بناء علاقات قوية تجمعنا مع دول الاتحاد الأوروبي باعتباره حليف استراتيجي. أما تفعيل الدبلوماسية الموازية، فأصبحت ضرورة ملحة، فبدل انتظار الضوء الأخضر، للخروج ببيانات صحفية وتصريحات إعلامية، فعلى المجالس المنتخبة وخاصة مجالس الجهات، تفعيل أدوارها التنموية الكفيلة بحل الأزمات الاجتماعية المتراكمة بالصحراء، جلب الاستثمارات وتوفير فرص الشغل للشباب، النهوض بقطاعي التعليم والصحة ودعم السكن الاجتماعي، ملفات كبرى يجب الاشتغال عليها لتنعكس التوجهات التنموية للأقاليم الصحراوية بشكل إيجابي على ساكنتها. وهذا في نظري أهم النجاحات التي ستحققها المجالس المنتخبة بالصحراء في إطار تفعيل دبلوماسيتها الموازية.

وبخصوص التوجه الأخير، فهو مرتبط بما هو إقتصادي، ففي الوقت الذي تتجه فيه الدولة لتوطيد الشراكة الأورو-مغربية، فهي مطالبة اليوم بالبحث عن أسواق جديدة بأسيا وأمريكا وبريطانيا، لتعزيز علاقاتها التجارية، لكي لا تبقى رهينة لمناورات سياسية تقف وراءها جهات معادية لمصالح المملكة المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى