المحميات الرؤية والمحميات الطبيعية و الطاقات المتجددة بالرشيدية

تحت شعار مبادرة ملك ومجتمع مدني متماسك وبعيدا عن الإسمنت والجدران وبين أجنحة الخيام، وفي فضاء مفتوح بين كثبان الرمال وآكام الجبال، خلقت الجمعية الإقليمية للترحال الرعوي حدثا استثنائيا، بتأسيس مولود جديد، يجمع شتات جمعيات الرحل والترحال هو اتحاد تعاونيات الرحل على الصعيد الوطني يضم كل التعاونيات النشيطة في المجال من الداخلة إلى أمغى مرورا بالأطلس وسوس، كان يوما رائعا بامتياز، تحت ديمة المطر، وغيوم قد تنقشع بجهود شخص معنوي حضره دكاترة و مهندسون واساتذة جامعيون وخبراء وتقنيون وفاعلون مدنيون وسياسيون، حيث يهدف الاتحاد إلى ترافع يشمل كل الرحل المغاربة، والدفاع عن مصالحهم، كما يرنو تغييرا جذريا على مستوى القانون 113/13 المشؤوم و خلق محيات رعوية نموذجية لصالح الرحل وثقافتهم.
الفطور تحت الخيام هو البداية، تلته كلمة للسيد رئيس الجمعية المنظمة، عبد الواحد زاهيدي، رحب فيها بالجميع، وتحدث للضيوف عن ظرف اللقاء واختيار الزمكان، والتعريف بالمنظمات المشاركة، والمشكلة للاتحاد و قد دعا المتدخلون من بعده إلى تنظيم الرحل في تنظيمات ومؤسسات لحماية الأراضي الرعوية، والدفاع عن استدامتها، خاصة أمام استثمار غير مهيكل يأتي على الأخضر واليابس، مدمرا كل الكلأ والماء والنباتات والأشجار والسدر والأركان والشيح والحلفاء، كما ذكر المتدخلون بالتهديدات التي تحيط بالثروات الطبيعية والماء الفضي والفرشات المائية .
وقد تدخل السيد عبد العزيز الحنو من قبائل زيان مطالبا، بتأسيس وكالة تنمية أقاليم الوسط وبإشراك الفلاح الصغير في التنمية المستدامة، مشاركة فعالة لاستفادته من الثروة الوطنية المتمثلة في الذهب الأخضر (شجر الأرز) والخروب، كما طالب بتمليك الأراضي للرحل لتجنبهم القروض المحبطة والمفلسة والضمانات التي تقضي على الربح والرأسمال، وفي نفس السياق، تدخل السيد زايد تقريوت، المناضل ومعتقل الرأي السابق وقيدوم الرحل، داعيا إلى محاربة مافيات العقار والريع، وتعزيز الواحات والزراعات المعاشية، ورفع الضرائب التي تثقل كاهل -ارحال- الذي طالما يحمي جديانه من الذئاب البشرية .
وقد تدخل السيد صالح البيطري، المحال على التقاعد، والذي كان زهاء اربعين سنة، قرب الفلاح القروي والراعي ومربي الأغنام، والذي ساهم في إدخال الناقة الأولى إلى معرض مكناس الفلاحي، حيث استقبله الملك محمد السادس نصره الله رفقة الرحل داعيا الرحل إلى التواصل المستمر مع الإدارة العمومية، والجماعات الترابية، لحمل همومهم ومقترحات حلول، خاصة وأن هناك بعض السنوات العجاف، يحتاج فيها الرحل إلى الدعم والأعلاف والماء، وقد كانت المداخلات المتعددة والمتنوعة تدعو إلى الاتحاد والتعاضد والتكافل .
من جهة أخرى تدخل السيد لحسن بوتنفيت نائب رئيس جماعة الرتب حيث تعهد بدعم الرحل بل وسيكونون في صميم برنامج عمل الجماعة، و في التصور الاستراتيجي للميزانيات القادمة، بحول الله، كما ستقوم جماعتي أوفوس والرتب بإشراكهم وتشاركهم، وطالب بانخراطهم في هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، حتى يتم الإنصات إليهم والتفاعل مع معاناتهم، كما دعاهم للتكتل في جمعيات مدنية لرفع العرائض والملتمسات .
وفي جانب آخر دعا كل متدخل إلى تعديل القانون 113/13لجعله يخدم الرحل ويساهم في ضمان لقمة العيش لأهلهم بالموطن الأصل أولا وتنمية هذا الموطن و يتبع ذلك رغبة في توفير ظروف عيش كريم بعد رحلة الاغتراب والترافع والدفاع الآمن عن الحدود والهوية، و هو ما جعل سؤال حلم العودة سؤالا مقلقا لدى السواد الأعظم ممن أفنوا حياتهم من أجل تنمية بشرية مجالية مستدامة، وتوفير مدارس متنقلة لفلذات أكبادهم والاستثمار في الطاقات المتجددة الريحية والشمسية لضمان استقرارهم وعيشهم الكريم في فضاءات رعوية تتوفر فيها التغطية، للتواصل والتعليم عن بعد، و ضمان حق الشغل لأبنائهم المثقفين، المجازين، وإشاعة ثقافة الرحل التي تعزز الحرية والذود عن حدود الوطن وتوفير التمويل لمشاريع مدرة للدخل، وشراكات تراعي الخصوصية وتحارب الفقر والتهميش والإقصاء وتوفر الأعلاف لماشيتهم لتوفير اللحوم والصوف في الأسواق الوطنية والسماد الطبيعي وتعزيز الرأسمال اللامادي الغني بالأعراف والعادات.
هي مداخلات غنية لخبراء وأساتذة جامعيون وتقنيون تم مزجها بأشعار و بحور للشيخ ابراهيم الزياني، الذي يعتبر من فطاحل الشعراء بالمنطقة والذي شنف آذان الحضور بأبيات قدسية تعبر عن معاناة الرحل مع الجفاف وانقراض مجموعة من النباتات والحيوانات والطيور والزواحف بعض والأشجار كما تغنى بالحب والغزل والرثاء والشوق إلى أطلال الخيام وسرادقها وكل الأماكن والمرابع التي تطؤها أظلاف الضأن والأغنام والإبل.
كانت الكلمة الختامية تحفيزية للسيد الرئيس المنظم عبد الواحد زاهيدي داعيا من جديد إلى الاتحاد والتكافل وتبادل المعلومات والمراعي، كلما جادت السماء على زاوية من الزوايا، ورحب بالجميع على موائد -رحالية- فيها مالذ وطاب، ملؤها جديان مشوية وفواكه وشاي، واستحسن الحضور هذا العرس بالجنوب الشرقي وهذا اليوم الدراسي الغني بالنقاش والأفكار والإبداع.
غادر البعض والبعض الآخر جلس في مجموعات للتأمل والنقاش وتبادل الخبرات مع الدكتور بيرة سلامة وعبد العزيز قبلي والحسين أمان والصيفاوي والشبري وغيرهم من الخبراء واستمر بهم الحال إلى أن أرخى الليل سدول ظلامه وسمره وأنسه.
إعداد ذ،لحسن، بوتنفيت