وطنية

أعلنت الحكومة المغربية إعطاء الأولوية للمبدعين المثقفيين المتضررين من كورونا

صوت الصحافة

أعلنت الحكومة المغربية أنها تتوفر على “إرادة سياسية كافية” و”رغبة جامحة” و”قوة اقتراحية”، لجعل الثقافة عنصراً محورياً في قلب كل السياسات العمومية بنوع من النجاعة والفعالية والتكامل.
وأشارت على لسان رئيسها عزيز أخنوش، إلى أنها تحرص على إعلاء قيم الانتماء للوطن وتثمين اللغات الوطنية والذاكرة الثقافية المشتركة والوفاء للإبداع المغربي.
جاء ذلك خلال جلسة عامة خصصها البرلمان المغربي، الاثنين، لموقع الثقافة في السياسات العمومية، حيث أعرب أخنوش على وجود توجه نحو إنتاج شروط تطوير الثقافة في تكامل بين ما هو مؤسسي بنيوي وما هو تشريعي تدبيري، بما سيكفل تعزيز دور الثقافة في الحياة المجتمعية للمغاربة، وترسيخ مكانة البلاد كموطن للتعايش والتسامح وتلاقح الحضارات والثقافات.
وأوضح المسؤول الحكومي الأول أنه إذا كانت للثقافة أهمية بالغة على مستوى التنشئة الاجتماعية للمواطنات والمواطنين، فلها أيضاً عائدات اقتصادية وتنموية من خلال الاستثمار في الرأسمال اللامادي، في أبعاده المتعددة للرفع من عائداته المادية، سواء في القطاع السياحي أو من خلال استقطاب الاستثمارات الخارجية وخلق المقاولات الوطنية، وهو الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على عائدات العملة الصعبة، وعلى خلق مناصب عمل جديدة، وتمويل خزينة الدولة بموارد مالية إضافية والمساهمة في الثروة الوطنية.

نقص مسجل في المجال الثقافي

وأبدى أمله في أن تصبح الثقافة المغربية رافعة متعددة الأبعاد للرخاء الاقتصادي وللرابط الاجتماعي المتماسك وللقوة الناعمة في المجال الجيوسياسي، ومورداً للنمو والاستثمار والتشغيل وأكثر قرباً من المجالات الترابية والحاجيات المحلية.
وأضاف عزيز أخنوش قائلاً: “وعياً من الحكومة بالنقص المسجل في المجال الثقافي، يسعى برنامجها الحالي إلى وضع لبنات سياسة ثقافية مندمجة كرافعة للتنمية ومنصة لخلق فرص العمل وإعادة الاعتبار لمختلف التعابير الفنية والثقافية”، مؤكداً أن الهدف الأساس من ذلك هو المحافظة على الهوية الجامعة والتشبث بالقيم الوطنية، عبر العمل على تأهيل المرافق العمومية الثقافية وضمان قربها من المواطنين وتحسين ولوجيتها وخدماتها، وإحداث مشاريع ثقافية كبرى مهيكلة، إضافة إلى تشجيع الإنتاجات الثقافية الوطنية في ضوء ترسيخ قيم التعدد، ومضاعفة دعم الدولة قصد حماية تنافسية النسيج الإبداعي وتطويره على المستوى الدولي.
وأكد أنه لا يمكن الحديث عن سياسة ثقافية ناجحة تتوخى خلق الثروة المادية دون ربطها بالمنظومة التعليمية، فمصير أحدهما مرتبط بالآخر. ومن ثم ـ يضيف أخنوش ـ لدى الحكومة الرغبة في تعزيز الاهتمام بالميدان الثقافي والنهوض به، وفي دمقرطة الثقافة وتطوير اقتصاداتها، من خلال تعزيز قيم ومبادئ المشروع الثقافي داخل المنظومة التعليمية.
وأعلن عن اعتماد استراتيجية لجعل الثقافة رافعة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث سيجري خلال الأيام المقبلة، تنفيذ مجموعة من الإجراءات الواقعية الرامية إلى ضمان الحقوق الثقافية لكل المواطنين وتعزيز المشاركة الفعلية للشباب والأطفال والنساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في الممارسات الثقافية، وبناء أسس العيش المشترك والتطور المجتمعي والسلم المدني.
وذكر من بين تلك الإجراءات إحداث علامة “تميز” لمختلف مكونات التراث الثقافي المغربي، فضلاً عن علامة تميز تحت اسم “متحف المغرب” تمنحها المؤسسة الوطنية للمتاحف لأصحاب المتاحف الخاصة وفق التزامات محددة، ويخول الحصول على هذه العلامة الاستفادة من إعانات مالية تمنحها الدولة أو المجالس البلدية أو المؤسسات العمومية، وعلى الدعم العلمي والتقني للمؤسسة الوطنية للمتاحف، وإمكانية إدراج المتحف المعني ضمن المسارات السياحية المبرمجة لفائدة السياح.

تعزيز البنية التحتية الثقافية

كما تشمل الإجراءات تعزيز البنية التحتية الثقافية وتقليص الفوارق المجالية على مستوى تغطية أقاليم المغرب بمؤسسات القرب الثقافي وتنويع العرض الثقافي، بالإضافة إلى تطوير اقتصاديات الثقافة في مجالات الإبداع والفنون والتراث بتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين، وتشجيع المهن الجديدة التي تمكن من تشغيل الشباب في كل المجالات الثقافية، بتعاون مع مختلف الفرقاء، وذلك من خلال دعم الصناعات الثقافية في مجالات المسرح والكتاب والنشر والموسيقى والفنون الكوريغرافية والفنون التشكيلية والبصرية والجمعيات الثقافية والمهرجانات والتظاهرات، مع إطلاق مبادرات تهدف إلى خلق مناصب شغل للشباب، عبر إحداث شراكات بين المراكز الثقافية ودور الشباب التابعة للوزارة والشباب حاملي المشاريع الثقافية عبر البرنامجين الحكوميين “أوراش” و”فرصة”. كما تطرق إلى مبادرة تنظيم تظاهرة مسرحية سنوية تحت شعار “المسرح يتحرك”، وتهدف إلى تصوير ستين عملاً مسرحياً واقتناء حقوق بثها عبر قنوات الشركة الوطنية وعبر المنصة الرقمية لقطاع الثقافة.
واستطرد قائلاً إنه في إطار الورشة المتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية لمختلف فئات الشعب المغربي، يتم العمل حالياً على استكمال إجراءات الحماية الاجتماعية للفنانين، حيث يجري حالياً من طرف وزير الثقافة إعداد المرسوم المتعلق بتمكين فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطاً خاصاً فيما يتعلق بالمهن الفنية من الاستفادة من الحماية الاجتماعية.
وفي السياق الاجتماعي نفسه، يتابع رئيس الحكومة، يتم إعداد مشروع قانون لإحداث وتنظيم مؤسسة لرعاية الفنانين والمبدعين المغاربة وتكريمهم والاحتفاء بهم والإشادة والتعريف بإنجازاتهم، وتقديم خدمات اجتماعية لفائدتهم ولفائدة ذوي حقوقهم، ولاسيما الرعاية التامة لمن هم في وضعية هشاشة، مع المساعدة على إحداث التوازن بين الوضع الاعتباري والوضع الاجتماعي للمبدع والمثقف.
كما أفاد أن الحكومة ستواصل تطبيق مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، قصد منحها المكانة اللائقة باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة، وترسيم إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. وستواصل الدعم المالي المرصود للإنتاجات السينمائية الجديدة والمساهمة في إشعاع السينما المغربية خارج البلاد، والترويج دولياً لمؤهلات المغرب السينمائية.
وستعمل أيضاً على مواكبة سياسة افتتاح المسارح الكبرى التي يشرف عليها العاهل المغربي، كالمسرح الكبير للرباط والمسرح الكبير للدار البيضاء والمسرح الملكي بمراكش”… وغيرها. وفي السياق نفسه، تعمل الحكومة حالياً على تصور جديد وطموح لإحداث مسارح جهوية وإقليمية وفتح قاعات سينمائية لتعزيز العدالة المجالية فيما يخص البنيات التحتية للعرض المسرحي والسينمائي، وذلك من خلال استغلال 150 من دور الشباب ودور الثقافة.

رعاية المثقفين والفنانين المبدعين

وفي تعقيب على مداخلة رئيس الحكومة، دعا النائب شاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي في مجلس النواب، إلى إعطاء الأولوية لأوضاع المثقفين والفنانين والمبدعين المتضررين من تداعيات جائحة “كورونا” وإنقاذهم باستعجال من الأزمة التي وجدوا أنفسهم فيها.
وأشار إلى أن هناك فرصاً سانحة للاستثمار في الحقول المعرفية والثقافية والفنية المتصلة بنشاط الإنسان العقلي والفكري والوجداني، مؤكداً على ضرورة التشبث بصيانة وتلاحم وتنوع مقومات الهوية المغربية متعددة الروافد والمكونات، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يطرحه الانتقال الرقمي من تحديات وفرص تتعلق بإنتاج مضامين رقمية ثقافية وإبداعية.
وتوجه النائب إلى الحكومة ببعض الاقتراحات، من ضمنها الرفع من الحكامة التدبيرية للشأن الثقافي والفني والإبداعي، باعتبار هذا القطاع يضم مجموعة كبيرة ومتشابكة من الفاعلين والمتدخلين، والعمل على استكمال النصوص القانونية المتعلقة بالشأن الثقافي وتحديثها؛ بالإضافة إلى توسيع صلاحيات المؤسسة الوطنية للمتاحف، والتسريع بتقديم مشروع القانون الخاص بحماية التراث الثقافي المادي واللامادي والمحافظة عليه وتقنينه، وإعادة النظر في الوضعية القانونية للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ليصبح مؤسسة فعالة في دعم الإبداع بجميع أجناسها.
وختم النائب البرلماني كلمته بالقول: “لدينا كامل الثقة في أن يترك رئيس الحكومة بصماته الناجحة على الملف الثقافي والإبداعي بنفس النجاح الذي حققه في مجال الإنتاج الزراعي من خلال مخطط المغرب الأخضر ثم مغرب الأجيال، لتشابه الحقلين مع فارق جوهري: إن الإنتاج الزراعي يقوم على الاستثمار في الأرض، أما الإبداع الثقافي والفني والرياضي فيقوم على الاستثمار في الإنسان فكراً وعقلاً ووجداناً وموهبة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى